«اسكت فإنك فاسق». فأنزل الله فيهما هذه الآية ، ونظم الحادثة حسان بن ثابت بقوله:
أنزل اللهُ والكتابُ عزيزٌ |
|
في عليٍّ وفي الوليدِ قرانا |
فتبوّا الوليدُ من ذاك فسقاً |
|
وعليٌّ مبوّأٌ إيمانا |
ليس مَن كان مؤمناً عرف اللهَ |
|
كمَن كان فاسقاً خوّانا |
فعليٌّ يلقى لدى الله عزّاً |
|
ووليدٌ يلقى هناك هوانا |
سوف يُجزى الوليد خزياً وناراً |
|
وعليٌّ لا شكّ يُجزى جنانا (١) |
ولمّا عهد إليه عثمان بولاية الكوفة كان يشرب الخمر جهاراً ، وقد دخل قصره وهو ثمل يتمثّل بأبيات لتأبط شراً.
ولستُ بعيداً عن مدامٍ وقَينةٍ |
|
ولا بصفاً صلدٍ عن الخيرِ معزلِ |
ولكنني أروي من الخمرِ هامتي |
|
وأمشى الملا بالساحبِ المتسلسلِ (٢) |
ويقول الرواة : إنه كان يستمع إلى الغناء ويظل يسمر مع ندمائه ومغنّيه سكراناً من أوّل الليل إلى الصباح ، وكان يؤثر بمنادمته صديقاً له من نصارى تغلب هو أبو زبيد الطائي ، وقد أنزله داراً على باب المسجد ، ثمّ وهبها له ، فكان الطائي يخرج من منزله حتّى يشقّ الجامع إليه فيسمر عنده ويشرب ، فيشقّ المسجد وهو سكران (٣).
ويقول المؤرّخون : إنه شرب الخمر فصلّى بالناس وهو ثمل صلاة الصبح أربع ركعات ، وصار يقول في ركوعه وسجوده : اشرب واسقني ، ثمّ قاء في المحراب وسلّم ، وقال للمصلّين خلفه : هل أزيدكم؟ فقال له ابن مسعود : لا زادك الله خيراً ، ولا مَن
__________________
(١) تذكرة الخواصّ / ١١٥.
(٢) الأخبار الطوال / ١٥٦.
(٣) الأغاني ٥ / ١٢٢ ، مروج الذهب ١ / ٢٣٢ ، العقد الفريد ٦ / ٣٤٨.