فبيت المال في عرف السياسة العثمانية ملك للاُمويِّين وليس ملكاً للمسلمين ، ونترك هذا الحكم إلى القرّاء.
كان هذا الرجس الخبيث من ألدّ أعداء رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وقد نفاه (صلّى الله عليه وآله) إلى الطائف ، وقال : «لا يساكنني». ولم يزل منفيّاً هو وأولاده طيلة خلافة الشيخين ، ولمّا انتهى الحكم إلى عثمان أصدر عنه العفو فقَدِم إلى يثرب وهو يسوق تيساً ، وعليه ثياب خلقة ، فدخل على عثمان فكساه جبّة خز وطيلسان (١) ، ووهبه من الأموال مئة ألف (٢) ، وولاه على صدقات قضاعة فبلغت ثلاثمئة ألف فوهبها له (٣).
وأدّت هباته للحَكَم إلى شيوع التذمّر والنقمة عليه من جميع الأوساط الإسلاميّة.
امّا مروان بن الحكم فهو وزيره ومستشاره الخاص ، وجميع مقدّرات الدولة تحت تصرّفه ، وقد منحه الثراء العريض ووهبه من الأموال ما يلي :
أ ـ أعطاه خمس غنائم أفريقية وقد بلغت خمسمئة ألف دينار ، وقد عيب عليه في ذلك ، وهجاه الشاعر الثائر عبد الرحمان بن حنبل بقوله :
سأحلفُ بالله جهدَ اليميـ |
|
ـنِ ما ترك الله أمراً سُدى |
ولكنْ خُلقتَ لنا فتنةً |
|
لكي نُبتلى بك أو تُبتلى |
فإن الأمينين قد بيّنا |
|
منارَ الطريق عليه الهُدى |
فما أخذا درهماً غيلةً |
|
وما جعلا درهماً في الهوى |
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ / ٤١.
(٢) المعارف / ٨٤.
(٣) الأنساب ٥ / ٢٨.