البلاد ، وقف أبو ذر موقف المسلم المؤمن بدينه ، فأخذ يندّد بسياسة عثمان ويدعوه إلى أن يضع حدّاً للتدهور الاجتماعي ، وقد نهاه عثمان فلم ينتهِ وانطلق يوالي إنكاره ، فكان يقف أمام الذين منحهم عثمان بالثراء العريض ويتلو قول الله تعالى : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ).
وغاظ ذلك مروان بن الحكم الذي تكدّست عنده الأموال الضخمة التي وهبها له عثمان ، وقد ضاق ذرعاً بأبي ذر فشكاه إلى عثمان ، فأرسل إليه ينهاه عن ذلك ، فأبى أبو ذر وقال : أينهاني عثمان عن قراءة كتاب الله؟! فوالله ، لئن أرضى الله بسخط عثمان أحبّ إليّ وخير لي من أن أسخط الله برضاه.
والتاع عثمان وضاق ذرعاً بأبي ذر ولكنه كظم غيظه ، وراح يفتّش عن الوسائل التي يقضي بها على خصمه.
واستمر الصحابي العظيم أبو ذر يوالي إنكاره على عثمان ، يبغي بذلك وجه الله ويلتمس الدار الآخرة ، لم يخفه الموت ولم تغرّه الحياة ، وقد حنق عليه عثمان وأمر بنفيه إلى الشام ، ويقول المؤرّخون : إنّ عثمان سأل حضّار مجلسه فقال لهم : أيجوز لأحد أن يأخذ من المال فإذا أيسر قضى؟
فانبرى كعب الأحبار ـ وكان خصيصاً بعثمان ـ فأفتاه بالجواز ، وصعب على أبي ذر أن يتدخّل كعب في أمور الدين وهو يهودي النزعة ، ويشكّ في إسلامه فصاح به :
يابن اليهوديِّين ، أتعلّمنا ديننا؟