هدّمت الحواجز ، وألغت الطبقية ، وساوت بين جميع أبناء المسلمين لا في العطاء فقط وإنما في جميع الحقوق والواجبات.
٢ ـ الإنفاق على تطوير الحياة الاقتصادية وإنشاء المشاريع الزراعية ، والعمل على زيادة الإنتاج الزراعي الذي كان العمود الفقري للاقتصاد العام في تلك العصور ، وقد أكّد الإمام في عهده لمالك الأشتر على رعاية إصلاح الأرض قبل أخذ الخراج منها ، يقول (عليه السّلام) : «وليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج ؛ لأن ذلك لا يدرك إلاّ بالعمارة ، ومَن طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد وأهلك العباد ، ولم يستقم أمره إلاّ قليلاً» (١).
لقد كان أهم ما يعني به الإمام (عليه السّلام) في سياسته الاقتصادية زيادة الدخل الفردي ، ونشر الرفاهية والرخاء بصورة شاملة في جميع أنحاء العالم الإسلامي ، وقد حفلت رسائله إلى ولاته بالاهتمام في هذه الجهة ، فقد أكّد عليهم لزوم الإنفاق على تطوير الاقتصاد العام حتّى لا يبقى أيّ شبح للفقر والحرمان في البلاد.
٣ ـ عدم الاستئثار بأيّ شيء من أموال الدولة ، فقد تحرّج الإمام فيها كأشدّ ما يكون التحرّج ، وقد أثبتت المصادر الإسلاميّة بوادر كثيرة من احتياطه البالغ فيها ، فقد وفد عليه أخوه عقيل طالباً منه أن يمنحه الصلة ، ويرفّه عليه حياته المعاشية ، فأخبره الإمام : إنّ ما في بيت المال للمسلمين ، وليس له أن يأخذ منه قليلاً ولا كثيراً ، وإذا منحه شيء فإنه يكون مختلساً ، فلم يفقه عقيل ذلك وأخذ يلحّ عليه ويجهد في مطالبته ، فأحمى له الإمام (عليه السّلام) حديدة وأدناها منه ، وكاد أن يحترق من ميسمها ، وضجّ ضجيج ذي
__________________
(١) نهج البلاغة ـ محمد عبده ٣ / ١٠٦.