كَرِيمٌ). تقديره أفلا أقسم بمواقع النجوم ، إنّه لقرآن كريم ، وما بينهما استطراد على استطراد ، وهذا كثير في الكتاب والسنّة وكلام العرب وغيرهم من البلغاء.
وآية التطهير من هذا القبيل جاءت مستطردة بين آيات النساء ، فتبيّن بسبب استطرادها أنّ خطاب الله لهنّ بتلك الأوامر والنواهي والنصائح والآداب لم يكن إلاّ لعناية الله تعالى بأهل البيت ـ أعني الخمسة ـ ؛ لئلاّ ينالهم ـ ولو من جهتهن ـ لَوم ، أو ينسب إليهم ـ ولو بواسطة ـ هناة ، أو يكون عليهم للمنافقين ـ ولو بسببهن ـ سبيل. ولولا هذا الاستطراد ما حصلت النكتة الشريفة التي عظمت بها بلاغة الذكر الحكيم ، وكمل إعجازه الباهر كما لا يخفى (١).
ورأي الإمام شرف الدين رأي وثيق فقد قطع به تأويل المتأوّلين ، ودحض به أوهام المعاندين ، وتمّت به الحجّة على المناوئين.
دلالتها على العصمة
ودلّت الآية بوضوح على عصمة الخمسة من أهل البيت (عليهم السّلام) ؛ فقد أذهب تعالى عنهم الرجس ـ أي المعاصي ـ وطهّرهم منها تطهيراً ، وهذا هو واقع العصمة وحقيقتها.
وقد تصدّرت الآية للدلالة على ذلك بكلمة (إنّما) التي هي من أقوى أدوات الحصر ، ويضاف إليه دخول اللام في الكلام الخبري ، وتكرار لفظ الطهارة ، وكل ذلك يدل ـ بحسب الصناعة ـ على الحصر والاختصاص وإرادة الله في ذلك إرادة تكوينية يستحيل فيها تخلّف المراد عن الإرادة ، (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).
ويقول الإمام شرف الدين : إنّها دلّت بالالتزام على إمامة أمير المؤمنين
__________________
(١) الكلمة الغرّاء في تفضيل الزهراء (عليها السّلام) / ١٩٦ ـ ١٩٧.