الطّريق ومضوا على الحقّ؟ أين عمّار (١)؟ وأين ابن التّيّهان؟ وأين ذو الشّهادتين؟ وأين نظراؤهم من إخوانهم الّذين تعاقدوا على النّيّة ، وأبرد برءوسهم إلى الفجرة؟! قال : ثم ضرب بيده على لحيته الشريفة الكريمة فأطال البكاء ، ثم قال عليه السلام :
أوه على إخوانى الّذين قرأوا القرآن فأحكموه (٢) ، وتدبّروا الفرض فأقاموه ، أحيوا السّنّة ، وأماتوا البدعة ، دعوا للجهاد فأجابوا ، ووثقوا بالقائد فاتّبعوه
__________________
(١) عمار بن ياسر من السابقين الأولين ، وهو عمار بن ياسر بن عامر بن كنانة بن قيس ، العنسى ـ بالنون بعد العين المهملة ـ المذحجى ، حليف بنى مخزوم ، وكنيته أبو اليقظان. وكان عمار رضى اللّه عنه ممن عذب فى اللّه تعالى هو وأبوه وأخوه وأمه فى بدء دعوة النبى صلّى اللّه عليه وآله وسلم ، وقد مر بهم النبى وهم يعذبون فبشرهم بالجنة وقال لهم «صبرا آل ياسر» وفى عمار نزل قوله تعالى : «إِلاّٰ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمٰانِ» وقد روى خالد بن الوليد عن النبى صلّى اللّه عليه وآله وسلم «من أبغض عمارا أبغضه اللّه» وأبو الهيثم مالك بن التيهان ـ بتشديد الياء وكسرها ـ من أكابر الصحابة ، ذكر أبو نعيم وابن عبد البر أن أبا الهيثم مالك بن التيهان ـ وهو عمرو بن الحارث ـ شهد صفين واستشهد بها. وأنكر ذلك ابن قتيبة وذو الشهادتين : خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة الخطمى الأنصارى من بنى خطمة من الأوس قبل النبى شهادته بشهادة رجلين فى قصة مشهورة ، كلهم قتلوا فى صفين. وأبرد برؤسهم ، أى : أرسلت مع البريد بعد قتلهم إلى البغاة للتشفى منهم رضى اللّه عنهم
(٢) أوه ـ بفتح الهمزة وسكون الواو وكسر الهاء ـ كلمة توجع.