ملكا ، إنّ حكمه فى أهل السّماء وأهل الأرض لواحد ، وما بين اللّه وبين أحد من خلقه هوادة فى إباحة حمى حرّمه على العالمين (١) فاحذروا عباد اللّه [عدوّ اللّه] أن يعديكم بدائه (٢) ، وأن يستفزّكم بندائه ، وأن يجلب عليكم بخيله ورجله ، فلعمرى لقد فوّق لكم سهم الوعيد ، وأغرق لكم بالنّزع الشّديد (٣) ، ورماكم من مكان قريب (٤) وقال : «رَبِّ بِمٰا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي اَلْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ» قذفا بغيب بعيد ، ورجما بظنّ مصيب ، صدّقه به أبناء الحميّة (٥) وإخوان العصبيّة ، وفرسان الكبر والجاهليّة ، حتّى إذا انقادت له الجامحة منكم (٦) ،
__________________
(١) الهوادة ـ بالفتح ـ : اللين والرخصة
(٢) «أن يعديكم بدائه» أى : أن يصيبكم بشىء من دائه بالمخالطة كما يعدى الأجرب السليم ، والضمير لابليس ، ويستفزكم : يستنهضكم لما يريد ، فان تباطأتم عليه أجلب عليكم بخيله ـ أى : ركبانه ـ ورجله ـ أى : مشاته ـ والمراد أعوان السوء
(٣) النزع فى القوس : مدها ، وأغرق النازع : إذا استوفى مد قوسه
(٤) لأنه يجرى من ابن آدم مجرى الدم
(٥) صدق إبليس فى توعد بنى آدم بالاغواء ، أولئك الغشماء أبناء الحمية الجاهلية
(٦) أى : استعان ببعضكم على من لم يطعه منكم ، وهو المراد بالجامحة. والطماعية : الطمع. وقوله «فنجمت الخ» أى : بعد أن كانت وسوسة فى الصدور وهمسا فى القول ظهرت إلى المجاهرة بالنداء ورفع الأيدى بالسلاح. ودلفت الكتيبة فى الحرب : تقدمت ، وأقحموكم : أدخلوكم بغتة ، والولجات : جمع ولجة ـ بالتحريك ـ : وهى كهف يستتر فيه المارة من مطر ونحوه ، «أوطأه» : أركبه ، وإثخان الجراحة : المبالغة فيها ، أى : أركبوكم الجراحات البالغة ، كناية عن إشعال الفتنة بينهم حتى يتقاتلوا. والخزائم : جمع خزامة ـ ككتابة ـ وهى حلقة توضع فى وترة أنف البعير فيشد فيها الزمام