واستحكمت الطّماعية منه فيكم ، فنجمت الحال من السّرّ الخفىّ إلى الأمر الجلىّ ، استفحل سلطانه عليكم ، ودلف بجنوده نحوكم ، فأقحموكم ولجات الذّلّ ، وأحلّوكم ورطات القتل ، وأوطأوكم إثخان الجراحة : طعنا فى عيونكم وحزّا فى حلوقكم ، ودقّا لمناخركم ، وقصدا لمقاتلكم ، وسوقا بخزائم القهر إلى النّار المعدّة [لكم] فأصبح أعظم فى دينكم جرحا (١) وأورى فى دنياكم قدحا ، من الّذين أصبحتم لهم مناصبين ، وعليهم متألّبين ، فاجعلوا عليه حدّكم (٢) وله جدّكم! فلعمر اللّه لقد فخر على أصلكم ، ووقع فى حسبكم ، ودفع فى نسبكم ، وأجلب بخيله عليكم ، وقصد برجله سبيلكم : يقتنصونكم بكلّ مكان ، ويضربون منكم كلّ بنان (٣) لا تمتنعون بحيلة ، ولا تدفعون بعزيمة
__________________
(١) فأصبح : أى إبليس ، ويروى «فأصبحتم أعظم فى دينكم حرجا» وقوله «وأورى ـ الخ» أى : أشد قدحا للنار فى دنياكم لاتلافها. وعلى الجملة فهو أضر عليكم بوساوسه من إخوانكم فى الانسانية الذين أصبحتم لهن مناصبين ، أى : مجاهرين لهم بالعداوة ، ومتألبين : أى مجتمعين
(٢) حدكم ـ بالحاء المهملة ـ أى : غضبكم وحدتكم ، تقول : حددت على الرجل أحد ـ مثل خففت أخف ـ إذا غضبت عليه ، والمصدر الحد ـ بفتح الحاء ـ والحدة ـ بكسرها ـ «وله جدكم» ـ بفتح الجيم ـ أى : قطعكم ، يريد قطع الوصلة بينكم وبينه ، وتقول : جد الشىء يجده جدا ـ على مثال رده يرده ردا ـ إذا قطعه
(٣) البنان : الأصابع