الأغنياء من مترفة الأمم (١) فتعصّبوا لآثار مواقع النّعم ، فقالوا : «نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوٰالاً وَأَوْلاٰداً وَمٰا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ» فإن كان لا بدّ من العصبيّة فليكن تعصّبكم لمكارم الخصال ، ومحامد الأفعال ، ومحاسن الأمور الّتى تفاضلت فيها المجداء والنّجداء من بيوتات العرب ويعاسيب القبائل (٢) بالأخلاق الرّغيبة ، والأحلام العظيمة ، والأخطار الجليلة ، والآثار المحمودة. فتعصّبوا لخلال الحمد : من الحفظ للجوار (٣) ، والوفاء بالذّمام ، والطّاعة للبرّ ، والمعصية للكبر ، والأخذ بالفضل ، والكفّ عن البغى ، والإعظام للقتل ، والإنصاف للخلق ، والكظم للغيظ ، واجتناب الفساد فى الأرض واحذروا ما نزل بالأمم قبلكم من المثلات (٤) بسوء الأفعال ، وذميم الأعمال ، فتذكّروا فى الخير والشّرّ أحوالهم ، واحذروا أن تكونوا أمثالهم
__________________
(١) المترف ـ على صيغة اسم المفعول ـ الموسع له فى النعم يتمتع بما شاء من الملذات. و «آثار مواقع النعم» ما ينشأ عنها من التعالى والتكبر. وعلة إبليس والأمم المترفة وإن كانت فاسدة إلا أنها شىء فى جانب ما تتعلل به القبائل فى مقاتلة بعضها بعضا
(٢) اليعاسيب : جمع يعسوب ، وهو أمير النحل ، ويستعمل مجازا فى رئيس القوم كما هنا. و «الأخلاق الرغيبة» : المرضية المرغوبة. والأحلام : العقول
(٣) الجوار ـ بالكسر ـ : المجاورة ، بمعنى الاحتماء بالغير من الظلم ، والذمام ـ ككتاب ـ : العهد
(٤) العقوبات