ولا ينقصه الحباء ، ولا يستنفده سائل ، ولا يستقصيه نائل ، ولا يلويه شخص عن شخص ، ولا يلهيه صوت عن صوت ، ولا تحجزه هبة عن سلب ، ولا يشغله غضب عن رحمة ، ولا تولهه رحمة عن عقاب ، ولا يجنّه البطون عن الظّهور ، ولا يقطعه الظّهور عن البطون. قرب فنأى ، وعلا فدنا ، وظهر فبطن ، وبطن فعلن ، ودان ولم يدن (١) ، لم يذرإ الخلق باحتيال (٢) ، ولا استعان بهم لكلال.
أوصيكم ، عباد اللّه ، بتقوى اللّه ، فإنّها الزّمام والقوام (٣) ، فتمسّكوا بوثائقها ، واعتصموا بحقائقها ، تؤل بكم إلى أكنان الدّعة (٤) وأوطان السّعة ، ومعاقل
__________________
(١) دان : جازى وحاسب ، ولم يحاسبه أحد
(٢) «ذرأ» أى : خلق ، والاحتيال : التفكر فى العمل وطلب التمكن من إبرازه ولا يكون إلا من العجز ، والكلال : الملل من التعب
(٣) التقوى : زمام يقود للسعادة ، وقوام ـ بالفتح ـ أى : عيش يحيا به الأبرار
(٤) الأكنان : جمع كن ـ بالكسر ـ وهو ما يستكن به ، والدعة : خفض العيش وسعته ، والمعاقل : الحصون ، والحرز : الحفظ