وعزّا لا تهزم أنصاره ، وحقّا لا تخذل أعوانه. فهو معدن الايمان وبحبوحته (١) ، وينابيع العلم وبحوره ، ورياض العدل وغدرانه (٢) ، وأثافىّ الإسلام وبنيانه ، وأودية الحقّ وغيطانه (٣). وبحر لا ينزفه المنتزفون (٤) ، وعيون لا ينضبها الماتحون ، ومناهل لا يغيضها الواردون ، ومنازل لا يضلّ نهجها المسافرون ، وأعلام لا يعمى عنها السّائرون ، وآكام لا يجوز عنها (٥) القاصدون ، جعله اللّه ريّا لعطش العلماء ، وربيعا لقلوب الفقهاء ، ومحاجّ لطرق الصّلحاء ، ودواء ليس بعده داء ، ونورا ليس معه ظلمة ، وحبلا وثيقا عروته ، ومعقلا منيعا
__________________
(١) بحبوحة المكان ـ بضم الباءين ـ : وسطه
(٢) الرياض : جمع روضة ، وهى مستنقع الماء فى رمل أو عشب ، والغدران : جمع غدير ، وهو القطعة من الماء يغادرها السيل ، والمراد أن الكتاب مجمع العدالة تلتقى فيه متفرقاتها. والأثافى : جمع أثفية ، وهى الحجر يوضع عليه القدر ، أى : عليه قام الاسلام
(٣) غيطان الحق : جمع غاط أو غوط ، وهو المطمئن من الأرض ، أى : إن هذا الكتاب منابت طيبة يزكو بها الحق وينمو.
(٤) «لا ينزفه» أى : لا يفنى ماءه ، ولا يستفزعه المغترفون ، ولا ينضبها ـ كيكرمها ـ أى : ينقصها. والماتحون : جمع ماتح : نازع الماء من الحوض. والمناهل : مواضع الشرب من النهر. و «لا يغيضها» من «أغاض الماء» نقصه
(٥) آكام : جمع أكمة ، وهو الموضع يكون أشد ارتفاعا مما حوله ، وهو دون الجبل فى غلظ لا يبلغ أن يكون حجرا فطرق الحق تنتهى إلى أعالى هذا الكتاب ، وعندها ينقطع سير السائرين إليه لا يتجاوزونها ، والمتجاوز هالك ، والمحاج : جمع محجة ، وهى الجادة من الطريق