فى اليوم واللّيلة خمس مرّات ، فما عسى أن يبقى عليه من الدّرن؟! وقد عرف حقّها رجال من المؤمنين الّذين لا تشغلهم عنها زينة متاع ، ولا قرّة عين من ولد ولا مال. يقول اللّه سبحانه : «رِجٰالٌ لاٰ تُلْهِيهِمْ تِجٰارَةٌ وَلاٰ بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اَللّٰهِ وَإِقٰامِ اَلصَّلاٰةِ وَإِيتٰاءِ اَلزَّكٰاةِ». وكان رسول اللّه ، صلّى اللّه عليه وآله وسلّم نصبا بالصّلاة (١) بعد التّبشير له بالجنّة ، لقول اللّه سبحانه : «وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاٰةِ وَاِصْطَبِرْ عَلَيْهٰا» فكان يأمر أهله ، ويصبر عليها نفسه.
ثمّ إنّ الزّكاة جعلت مع الصّلاة قربانا لأهل الاسلام ، فمن أعطاها ، طيّب النّفس بها ، فانّها تجعل له كفّارة ، ومن النّار حجازا ووقاية. فلا يتبعنّها أحد نفسه (٢) ، ولا يكثرنّ عليها لهفه ، فانّ من أعطاها غير طيّب النّفس بها يرجو بها ما هو أفضل منها فهو جاهل بالسّنّة ، مغبون الأجر ، ضالّ العمل ، طويل النّدم.
ثمّ أداء الأمانة ، فقد خاب من ليس من أهلها ، إنّها عرضت على السّموات
__________________
(١) نصبا ـ بفتح فكسر ـ أى : تعبا
(٢) أى : من أعطى الزكاة فلا تذهب نفسه مع ما أعطى تعلقا به ولهفا عليه. ومغبون الأجر : منقوصه ، وأصله من «غبنه فى البيع» ـ من باب ضرب ـ إذا خدعه فأعطاه أقل مما أخذ منه ، وقد غبن ـ مبنيا للمجهول ـ فهو مغبون