كأس الحكمة بعد الصّبوح (١)
منها : وطال الامد بهم (٢) ليستكملوا الخزى ، ويستوجبوا الغير (٣) ، حتّى إذا اخلولق الأجل (٤) ، واستراح قوم إلى الفتن ، وأشالوا عن لقاح حربهم (٥) ، لم يمنّوا على اللّه بالصّبر (٦) ، ولم يستعظموا بذل أنفسهم فى الحقّ ، حتّى إذا وافق وارد القضاء انقطاع مدّة البلاء حملوا بصائرهم على أسيافهم (٧) ، ودانوا لربّهم بأمر واعظهم حتّى إذا قبض اللّه رسوله ، صلّى اللّه عليه وآله ، رجع قوم على الأعقاب ،
__________________
فينهضون إلى الحق كما نهض أهل القرآن عند نزوله
(١) يغبقون ـ مبنى للمجهول ـ يسقون كأس الحكمة بالمساء بعد ما شربوه بالصباح ، والصبوح : ما يشرب وقت الصباح ، والمراد أنها تفيض عليهم الحكم الالهية فى حركاتهم وسكونهم وسرهم وإعلانهم
(٢) قوله وطال الخ : انتقال لحكاية أهل الجاهلية وطول الأمد فيها ليزيد اللّه لهم فى العقوبة
(٣) الغير ـ بكسر ففتح ـ أحداث الدعر ونوائبه
(٤) من قولهم «اخلولق السحاب» استوى وصار خليقا أن يمطر ، أى : يشرف الأجل على الانقضاء
(٥) «أشالت الناقة ذنبها» رفعته ، أى : رفعوا أيديهم بسيوفهم ليلقحوا حروبهم على غيرهم ، أى : يسعروها عليهم ، وفى بعض النسخ «اشتالوا» تقول : شال فلان كذا ، أى : رفعه ، و «اشتال الشىء» : ارتفع. و «لقاح حربهم» هو بفتح اللام مصدر قولك «لقحت الناقة»
(٦) الضمير فيه للمؤمنين المفهومين من سياق الخطاب ، والجملة جواب إذا
(٧) من ألطف أنواع التمثيل ، يريد أشهروا عقيدتهم داعين إليها غيرهم