فترة (١) ويموتون على كفرة ، ثمّ إنّكم معشر العرب أغراض بلايا قد اقتربت فاتّقوا سكرات النّعمة ، واحذروا بوائق النّقمة (٢) ، وتثبّتوا فى قتام العشوة (٣) واعوجاج الفتنة ، عند طلوع جنينها ، وظهور كمينها ، وانتصاب قطبها ، ومدار رجاها : تبدو فى مدارج خفيّة ، وتؤول إلى فظاعة جليّة ، شبابها كشباب الغلام (٤) وآثارها كآثار السّلام. تتوارثها الظّلمة بالعهود ، أوّلهم قائد لآخرهم ، وآخرهم مقتد بأوّلهم ، يتنافسون فى دنيا دنيّة ، ويتكالبون على جيفة مريحة (٥) وعن قليل يتبرّأ التّابع من المتبوع ، والقائد من المقود
__________________
«٤ ـ ن ـ ج ـ ٢» و «الجفوة الجافية» : غلظ الطبع وبلادة الفهم. «ويستذلون الحكيم» يضيمون العقلاء الداعين إلى الخير لامتلاك الشرور أنفسهم ، وغلبة الهوى عليهم
(١) خلو من الشرائع الألهية : لا يعرفون منها شيئا لعدم الرسول المبلغ ، ثم يغيرون ويبدلون ، ويتخذون الأصنام آلهة ، والأهواء شريعة ، فيموتون كفارا
(٢) البوائق : جمع بائقة ، وهى الداهية ، والفائلة. وفى الحديث «لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه» أى : غائلته وشره. وتقول : باقته الداهية ، أى : أصابته
(٣) القتام ـ كسحاب ـ : الغبار ، والعشوة ـ بالضم ، ويكسر ويفتح ـ : ركوب الأمر على غير بيان ، و «اعوجاج الفتنة» أخذها فى غير القصد ، وعدولها عن المنهج. والجنين : المستتر. والكمين : مثله
(٤) شاب كل شىء ـ بفتح الشين ـ أوله ، أى : بداياتها فى عنفوان وشدة كشباب الغلام وفتوته ، وقال ابن أبى الحديد : شبابها كشباب الغلام ـ بالكسر ـ مصدر «شب الفرس والغلام يشب ويشب ـ بكسر الشين وضمها ـ شبابا وشبيبا» إذا قمص ولعب ، «وأشببته أنا» أى : هجته اه والسّلام ـ بكسر السين ـ : الحجارة ، وآثارها فى الأبدان : الرض والحطم
(٥) مريحة : منتنة ، تقول : راح اللحم ،