المضيئة نورا تهتدى به فى مذاهبها ، وتصل بعلانية برهان الشّمس إلى معارفها ، وردعها تلألؤ ضيائها عن المضىّ فى سبحات إشراقها (١) وأكنّها فى مكامنها عن الذّهاب فى بلج ائتلاقها (٢) فهى مسدلة الجفون بالنّهار على أحداقها ، وجاعلة اللّيل سراجا تستدلّ به فى التماس أرزاقها ، فلا يردّ أبصارها إسداف ظلمته (٣) ، ولا تمتنع من المضىّ فيه لغسق دجنّته ، فإذا ألقت الشّمس قناعها ، وبدت أوضاح نهارها (٤) ، ودخل من إشراق نورها على الضّباب فى وجارها (٥) أطبقت الأجفان على مآقيها (٦) وتبلّغت بما اكتسبت من فىء ظلم لياليها (٧). فسبحان من جعل اللّيل لها نهارا ومعاشا ، والنّهار سكنا وقرارا ، وجعل لها أجنحة من لحمها تعرج بها عند الحاجة إلى الطّيران كأنّها شظايا الآذان (٨)
__________________
(١) سبحات النور : درجاته وأطواره
(٢) الاتلاق : اللمعان ، والبلج ـ بالتحريك ـ الضوء ووضوحه
(٣) أسدف الليل : أظلم ، والدجنة : الظلمة ، وغسق الدجنة : شدتها
(٤) أوضاح : جمع وضح ـ بالتحريك ـ وهو هنا بياض الصبح
(٥) الضباب ـ ككتاب ـ جمع ضب ، وهو الحيوان المعروف ، والوجار ككتاب ـ الجحر.
(٦) المآقى : جمع مأق ، وهو طرف العين مما يلى الأنف
(٧) تبلغت : اكتفت أو اقتاتت
(٨) شظايا : جمع شظية ـ كعطية ـ وهى الفلقة من الشىء ، أى : كأنها مؤلفة من شقق الآذان