أتيتم؟ استعدّوا للمسير فى قوم حيارى عن الحقّ لا يبصرونه ، وموزعين بالجور (١) لا يعدلون به! جفاة عن الكتاب ، نكّب عن الطّريق (٢) ، ما أنتم بوثيقة يعلق بها (٣) ولا زوافر عزّ يعتصم إليها (٤) ، لبئس حشّاش نار الحرب أنتم (٥) أفّ لكم ، لقد لقيت منكم برحا (٦)!! يوما أناديكم ، ويوما أناجيكم! فلا أحرار صدق عند النّداء ، ولا إخوان ثقة عند النّجاء (٧)
__________________
مسرة لديه ، والمسرة بالباطل زهرة ثمرتها الغم الدائم. وقوله «من الباطل» متعلق بأحب
(١) «أين يتاه بكم» معناه أين تذهبون فى التيه ، يعنى فى الحيرة ، ويروى «فأنى يتاه بكم» وقوله «ومن أين أتيتم؟» معناه من أى المداخل دخل عليكم الشيطان أو الشبهة؟ ومن أى الموالج ولج التلبيس إليكم؟ وقوله «موزعين» : من «أوزعه» أى : أغراه ، وقوله «لا يعدلون به» أى : لا يستبدلونه بالعدل
(٢) الجفاة : جمع جاف ، وهو النابى البعيد عن الشىء ، أى : قد تباعدوا عن الكتاب فلا هو يلائمهم ولا هم يجنحون إليه ، ونكب : جمع ناكب ، وهو الحائد عن الطريق
(٣) أى : بعروة وثيقة يستمسك بها. وقال الشارح «أى : بذى وثيقة ، فحذف المضاف ، والوثيقة : الثقة ، يقال : قد أخذت فى أمر فلان بالوثيقة ، أى : بالثقة ، والثقة مصدر» اه
(٤) زافرة الرجل : أنصاره وأعوانه
(٥) الحشاش : جمع حاش ، من «حش النار» أى : أوقدها ، أى : لبئس الموقدون لنار الحرب أنتم ، وروى حشاش ـ بزنة غراب ـ وهو ما توقد به النار ، وروى حشاش ـ بفتح الحاء كسحاب ـ وهو الحطب الذى يلقى فى النار قبل الحطب الجزل ، قاله ابن أبى الحديد
(٦) برحا ـ بالفتح ـ : شرا أو شدة
(٧) النجاء : الأفضاء بالسر والتكلم مع شخص بحيث لا يسمع الآخر. وهو مصدر ناجيته ، مثل قاتلته وناديته