المتولّى على كتاب اللّه تعالى ، وقد قال اللّه سبحانه : «فَإِنْ تَنٰازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اَللّٰهِ وَاَلرَّسُولِ» فردّه إلى اللّه : أن نحكم بكتابه ، وردّه إلى الرّسول أن نأخذ بسنّته ، فإذا حكم بالصّدق فى كتاب اللّه فنحن أحقّ النّاس به (١) ، وإن حكم بسنّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ، فنحن أولاهم به
وأمّا قولكم : لم جعلت بينكم وبينهم أجلا فى التّحكيم ، فإنّما فعلت ذلك ليتبيّن الجاهل ، ويتثبّت العالم ، ولعلّ اللّه أن يصلح فى هذه الهدنة أمر هذه الأمّة ، ولا تؤخذ بأكظامها (٢) فتعجل عن تبيّن الحقّ ، وتنقاد لأوّل الغىّ إنّ أفضل النّاس عند اللّه من كان العمل بالحقّ أحبّ إليه وإن نقصه وكرثه (٣) من الباطل وإن جرّ إليه فائدة وزاده ، أين يتاه بكم؟ من أين
__________________
(١) يريد أنه لما دعى إلى التحكيم لم يرد أن يكون من الذين قال اللّه عز وجل فى شأنهم : «وَإِذٰا دُعُوا إِلَى اَللّٰهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذٰا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ» بل أجاب عملا بما ذكره من النص ، ولو حكموا بالحق فى هذه الواقعة لوجدوه أحق بتدبير أمر الأمة.
(٢) الأكظام : جمع كظم ـ محركة ـ وهو مخرج النفس ، والأخذ بالأكظام : المضايقة والاشتداد بسلب المهلة ، يقول : كرهت أن أعجل القوم عن التبين والاهتداء ، فيكون إرهاقى لهم وتركى التنفيس عن خناقهم أدعى إلى فسادهم وأحرى أن يحملهم على ركوب متن الغى وألا يقلعوا عماهم عليه من القبيح
(٣) كرثه ـ كنصره وضربه ـ اشتد عليه الغم بحكم الحق ، فان الحزن بالحق