.................................................................................................
______________________________________________________
البلوغ ، أو لا ، أو أنّ فيه تفصيلاً؟
أمّا بالنسبة إلى الأموال : فلا ينبغي الإشكال في النفوذ وأنّه ليس للصبي الفسخ عند ما بلغ ، وذلك للإطلاق في أدلّة الولاية ، فإنّها وإن كانت مقيّدة بحال الصغر ، فلا ولاية للولي بعد ما بلغ الصبي ، إلّا أنّ متعلّق هذه الولاية مطلق يشمل حال ما بعد البلوغ كما قبله بمناط واحد ، وهو رعاية الغبطة وملاحظة المصلحة ، والولي إنّما جُعِلَ وليّاً لذلك ، فكما أنّ له البيع وإخراج المال عيناً ومنفعةً عن ملكه إلى الأبد إذا اقتضته المصلحة ، فكذلك له أن يبقي العين ويخرج المنفعة خاصّة لمدّة قصيرة أو طويلة حسبما يجده من المصلحة وإن عمّت ما بعد البلوغ.
فإذا اقتضت الغبطة والمصلحة اللازمة المراعاة إيجارها عشرين سنة مثلاً صحّت الإجارة ، عملاً بإطلاق أدلّة الولاية ، ولا تبطل بموت المؤجر أعني : الولي كما تقدّم نظيره في إجارة الوقف الخاصّ (١) ، فتصحّ الإجارة المتعلّقة بالملفّق من عهدي البلوغ والصبا ، بل تصحّ المتعلّقة بعهد البلوغ خاصّة إذا اقتضتها المصلحة ، باعتبار أنّ الصبي كما أنّه مالكٌ للعين مالكٌ فعلاً لمنافعها الأبديّة أيضاً ، فللولي أن يملك شيئاً من هذه المنافع بإجارة أو صلح ونحوهما إمّا مستقلا أو منضمّاً بشيء من منافع عهد الصبا حسبما يراه من المصلحة ، عملاً بإطلاق أدلّة الولاية.
وأمّا بالنسبة إلى الصبي نفسه : فلم يدلّ أيّ دليل على ولاية الولي حتى بالإضافة إلى ما بعد البلوغ.
نعم ، في خصوص النكاح قام الدليل على الولاية على تزويج الصبي أو الصبيّة ولو كان الزواج دائماً ، وأمّا في غيره فلم تثبت له هذه الولاية بحيث
__________________
(١) في ص ٧ ـ ٨.