.................................................................................................
______________________________________________________
الرابع : عين هذا الوجه لكن مع الضمان كما في الأكل عند المخمصة من مال الغير ، حيث إنّه يجوز ومع ذلك يضمن باعتبار أنّ الضرورة إنّما ترفع الحكم التكليفي أعني : الحرمة أمّا الوضعي وهو الضمان فلا مقتضي لارتفاعه بعد تحقّق سببه وهو الإتلاف. إذن فمقدار ما يفوت من الخدمة من المستأجر يثبت في ذمّة الأجير لا بدّ من أدائه والخروج عن عهدته متى ما استطاع.
وأمّا الوجه الخامس المذكور في المتن : فقد عرفت رجوعه إلى الوجه الثاني ، باعتبار أنّ التمكّن من الكسب خارج عن محلّ الكلام حسبما عرفت. وسيتّضح لك أنّ الأقوى إنّما هو الوجه الثاني.
أمّا القول الأوّل الذي اختاره الماتن تبعاً للعلّامة (١) : فلا يبعد أن يعدّ من الغرائب ، فإنّه أشبه باستدلالات العامّة المبنيّة على الاستحسانات العقليّة ، ضرورة أنّه بعد أن خرج عن الملك بالعتق فما هو الدليل على تنزيله منزلة المملوك لكي تجب نفقته على المعتق؟! ومجرّد استيفاء المنافع حال الرقّيّة وعروض العتق عليه وهو مسلوب المنفعة لا يصحّح التنزيل المزبور ، ولا يكون حجّة شرعيّة عليه بوجه. فهذا القول ساقط جزماً.
وأمّا القول بكونها في كسبه إمّا مع الضمان أو بدونه : فهو وإن كان وجيهاً باعتبار أنّ حفظ النفس مقدّم على كلّ شيء ، إلّا أنّه يختصّ بما إذا توقّف الحفظ عليه ولم يتيسّر من طريق آخر ، بحيث استأصل المسكين واضطرّ إلى التصرّف في متعلّق حقّ الغير ، وإلّا فمع وجود الإمام والتمكّن من القيام بمصارفه والإنفاق عليه من بيت المال فلا توقّف ولا اضطرار. ومن المعلوم أنّ بيت المال معدّ لإدارة شؤون المسلمين إمّا المصالح العامّة أو الموارد الشخصيّة التي لا يوجد مصرف لما يجب فيه الصرف ولا يمكن تداركه من محلّ آخر ، فإنّه يؤخذ من
__________________
(١) انظر إرشاد الأذهان ١ : ٤٢٥.