.................................................................................................
______________________________________________________
مالكه بطبيعة الحال ، ولم تتحقّق أيّ سيرة عقلائية قائمة على الضمان المدّعى في المقام.
على أنّ هاتين الدعويين لو تمّتا فغايتهما البطلان في التلف قبل القبض لا ما بعده بلا فصل فضلاً عن التلف أثناء المدّة ، كما لا يحكم به في البيع بلا إشكال.
والصحيح في وجه ذلك أن يقال : إنّ ملكيّة المنافع كما مرّ غير مرّة لم تكن ملكيّة مستقلّة وإنّما هي بتبع ملكيّة العين ، فمتى كانت العين مملوكة كانت المنافع مملوكة بتبعها ، ومتى خرجت عن الملك خرجت هي أيضاً ، ومقتضى هذه التبعيّة أنّ العين لو سقطت عن القابليّة ولم تتّصف بالملكيّة العقلائيّة كانت المنافع أيضاً كذلك.
ومن ثمّ لا ينبغي الشكّ بل لم يشكّ أحد في عدم جواز إجارة العين في أزيد من عمرها العادي وما تستعدّ فيه للبقاء ، كإجارة العبد مائة سنة ، أو الدار ألف سنة ، أو الدابّة عشرين ، وهكذا ، لعدم اعتبار العقلاء ملكيّة العين بعد تلك المدّة المديدة ، فلا تكون هي قابلة للملكيّة وقتئذٍ فكذا منافعها ، فحيث لا يعتبرونه مالكاً لتلك المنافع فلا جرم تبطل الإجارة عليها.
وعليه ، فملكيّة المالك للمنافع محدودة طبعاً ببقاء العين وإمكان الانتفاع بها ، وأمّا المنافع بعد التلف فلم تكن مملوكة له من الأوّل ، فلو آجر عبده أو دابّته أو داره فتلفت أو انهدمت قبل التسليم كشف ذلك عن أنّ تلك المنفعة لم تكن مملوكة للمالك من الأوّل حتى يسوغ له تمليكها ، فإنّ العبد الميّت أو الدابّة التالفة فاقدة للمنفعة القابلة للملكيّة ، إذ الملكيّة وإن كانت من الأُمور الاعتباريّة القابلة للتعلّق حتى بالمعدوم ، بل قد يكون المالك أيضاً معدوماً ، إلّا أنّه خاصّ بما إذا كان قابلاً للملكيّة العقلائيّة وللانتفاع في ظرفه ، ومن ثمّ لا يسوغ إجارة العبد أو الدابّة بعد الموت ابتداءً ، لعدم قيام منفعة بهما وقتئذٍ ليملكهما المؤجر فيملّكهما للمستأجر.