.................................................................................................
______________________________________________________
في زمان واحد أكثر من منفعة واحدة ، لامتناع قيام منفعتين متضادّتين بها في عرض واحد ، إذن فلا يعقل أن يكون المالك مالكاً لكلتا المنفعتين كي يستحقّ الأُجرتين ، ومن الواضح أنّ الجمع بين الضمانين متفرّع على إمكان اجتماع الملكيّتين في عرض واحد.
وممّا يكشف عن ذلك وضوح أنّ غاصب العين لا يكون ضامناً لتمام المنافع ، فلو كانت كلّها مملوكة لكانت كلّها مضمونة بطبيعة الحال ، وحيث لا ضمان جمعاً فلا ملكيّة عرضاً ، وإنّما المملوك من هاتيك المنافع المتضادّة هو الجامع القابل للانطباق على أيّ منفعة شاءها المالك ، ففي الحقيقة لا يملك إلّا منفعة واحدة على البدل مخيّراً في التطبيق على أيّ فرد شاء.
ولكن التحقيق إمكان ملكيّة المنافع المتضادّة في عرض واحد.
والوجه فيه : أنّ مركز التضادّ إنّما هو ذات المنافع بأنفسها ، فلا تجتمع منفعة الركوب مع منفعة الحمل ، ولا كتابة العبد حال خياطته ، ولا سير الدابّة شرقيّاً حال سيرها غربيّاً ، ونحوها من المنافع المتضادّة الممتنع اجتماعها في حالة واحدة.
وأمّا الملكيّة المتعلّقة بها : فبما أنّها أمر اعتباري والاعتبار خفيف المئونة وقوامه بيد المعتبر ، فلا تضادّ بين ملكيّة وأُخرى ، فيعتبر من بيده الاعتبار ملكيّة أحدٍ لمنفعة ويعتبره في عين الحال مالكاً لمنفعة أُخرى مضادّة لها ، إذ لا مانع من الجمع بين هذين الاعتبارين بعد عدم وجود أيّ مقتضٍ لسراية التضادّ إليهما من المتعلّقين ، أعني : نفس المنفعتين.
وعلى الجملة : التضادّ الحاصل بين المنفعتين لملاكٍ في البين لا يكاد يسري إلى التضادّ بين الاعتبارين ، فلا مانع من اجتماعهما على صعيد واحد.
ودعوى أنّ الاعتبار لا بدّ من تعلّقه بأمر مقدور ، وإلّا لأصبح لغواً محضاً ، ولا قدرة على المنافع المتضادّة.