.................................................................................................
______________________________________________________
الأحكام الخاصّة التي موضوعها عنوان المسجد ، لا كلّ ما يمكن أن يتقرّب فيه إلى الله تعالى ، فلا مجال للتردّد في ذلك أبداً ، بل ينبغي القطع بالعدم.
وأمّا الثاني : فعلى تقدير صحّة الإجارة وجواز جعل الأرض المستأجرة مسجداً مدّة الإجارة فلا ينبغي الشكّ في جريان أحكام المسجد حينئذٍ ، لعدم قصور في شمول الإطلاقات ، فإنّ هذا مسجد حسب الفرض ولا يجوز تنجيس المسجد ولا دخول الجنب وهكذا ، فبعد ضمّ الصغرى إلى الكبرى تترتّب الأحكام بلا كلام.
إلّا أنّ الإشكال في صحّة مثل هذا الإيجار وجواز الجعل المزبور ، والظاهر العدم ، نظراً إلى أنّ عنوان المسجد المساوق لعنوان كون هذا المكان لله وبيتاً من بيوته سبحانه ليس كبقيّة الأوقاف التي قد تكون ملكاً لجهة أو لجماعة ، بل هو عنوان التحرير ، نظير العتق في الإنسان ، وهذا شيء يعتبر فيه الدوام والتأييد ولا يكاد يجتمع مع التوقيت الملحوظ في مورد الإجارة ، ولذلك لا تزول الوقفيّة بخراب المسجد ، بخلاف بقيّة الأوقاف المعنونة بعناوين خاصّة ، فإنّها تزول بزوال العنوان وترجع الرقبة إلى ملك الواقف.
وهذا مضافاً إلى كونه أمراً مغروساً ومرتكزاً في أذهان عامّة المتشرّعة يمكن استفادته من بعض الأدلّة الأُخرى أيضاً. ففي الآية المباركة (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) (١) ، وظاهره أنّ المسجد مختصّ به تعالى وبيت من بيوته ، فإذا كان ملكاً له سبحانه فلا يكون بعد ذلك ملكاً لأحد ، إذ لا يكون مؤقّتاً بوقت ولا محدوداً بحدّ.
وقد روى الحميري في قرب الإسناد بسند معتبر عن الحسين بن علوان ،
__________________
(١) الجنّ ٧٢ : ١٨.