.................................................................................................
______________________________________________________
فاعتبار ملكيّتها له بالإجارة لغو محض ، فإنّه أشبه شيء بأن يستأجر أحداً لكي يأكل أو ينام أو يشتري لنفسه شيئاً وغير ذلك ممّا لا يعود فيه أيّ نفع للمستأجر ويكون هو أجنبيّا عن المنفعة بالكلّيّة.
ولكنّك خبير بأنّ دعوى السببيّة القهريّة بحيث يتملّك الحائز حتى مع مملوكيّة الحيازة للغير بمراحل عن الواقع.
فإنّا لم نعثر بعد الفحص التامّ على رواية تدلّ على الملكيّة في حيازة المباحات الأصليّة ما عدا (١) رواية واحدة ، وهي معتبرة السكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام) : «أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قال في رجل أبصر طيراً فتبعه حتى وقع على شجرة فجاء رجل فأخذه ، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : للعين ما رأت ، ولليد ما أخذت» (٢).
فالعمدة هي هذه الرواية ، مضافاً إلى السيرة العقلائيّة القائمة على ذلك إلى زماننا هذا ، من غير فرق بين المتشرّعة وغيرهم ، فإنّهم لا يزالون يستملكون المباحات بعد الاستيلاء عليها من غير رادع ولا منازع.
غير أنّ من الواضح الضروري أنّ مورد هذه السيرة بل الرواية ما إذا كانت الحيازة لنفس الحائز. وأمّا إذا كانت عمليّة الحيازة مملوكة للغير فكان الأخذ لذلك الغير كما هو أمر شائع متعارف بين الناس ولا سيّما في مثل الاستئجار لصيد الأسماك فإنّ بناء العرف والعقلاء مستقرّ وقتئذٍ على اعتبار ملكيّة المحوز لمالك الحيازة لا للحائز المباشر ، فيعتبرون المستأجر مالك السمكة دون صائدها.
__________________
(١) احتمل (دام ظلّه) جواز الاستدلال له بقوله تعالى (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) [البقرة ٢ : ٢٩] على تأمّل فيه ، فليتأمّل.
(٢) الوسائل ٢٣ : ٣٩١ / أبواب الصيد ب ٣٨ ح ١.