.................................................................................................
______________________________________________________
والترتّب وإن صحّحناه في محلّه ، بل ذكرنا أنّ إمكانه مساوق لوقوعه على ما أشبعنا البحث حوله في الأُصول (١) ، إلّا أنّه خاصّ بالأحكام التكليفيّة ولا ينسحب إلى الوضعيّة كما في محلّ الكلام.
فإنّ ملخّص الوجه فيه : أنّ القدرة شرط في التكليف ، وأهمّيّة أحد الواجبين المتزاحمين تستدعي صرف القدرة في امتثاله ، ومعه كان عاجزاً عن الآخر ، فلا يكون التكليف به فعليّاً ، لامتناع التكليف بالمتضادّين معاً ، وأمّا مع عدم الصرف فهو قادر على المهمّ في هذا التقدير ، فلا مانع من تعلّق الخطاب به ، ومع عدم المانع كان إمكانه مساوقاً لوقوعه.
وبعبارة اخرى : المزاحمة لا تستدعي إلّا سقوط إطلاق الخطاب بالمهمّ لا أصله ، فالتكليف به مقيّداً بظرف عدم الإتيان بالأهمّ لا مقتضي لسقوطه ، فإنّ المقتضي إنّما هو العجز وهو خاصّ بصورة الإتيان بالأهمّ ، وأمّا مع عصيانه فكلّا. وهذا التقدير كما ترى خاصّ بباب التكليف.
وأمّا الوضع أعني : الصحّة في باب العقود والإيقاعات فإن قام دليل عليه من الخارج فهو ، وإلّا فالقاعدة لا تقتضي الصحّة من باب الترتّب.
وتوضيحه : أنّه إذا زاحم الوفاء بالعقد واجب آخر أهمّ كالحجّ عن نفسه أو تمكين الزوج كما في المقام فإمّا أن يحكم بصحّة العقد مطلقاً ، أو على تقدير عصيان الأهمّ لا سبيل إلى الأوّل ، فإنّه من التكليف بالضدّين في مرتبة واحدة وزمان واحد كما هو واضح.
وأمّا الثاني : فهو وإن كان ممكناً بأن يُقال : حجّ عن نفسك ، أو أطيعي زوجك
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٣ : ١٣٤.