.................................................................................................
______________________________________________________
أو دابّة فحملها عليها من مكان إلى آخر ، فإنّه يضمن لمالك العين اجرة المثل ، لما استوفاها من المنافع جزماً ، ولا سبيل إلى القول بعدم الضمان بدعوى عدم ماليّتها بعد كونها محرّمة.
وهذا بخلاف ما لو أجبر حرّا على عمل محرّم من كذب أو ضرب أو حمل الخمر ونحو ذلك ، فإنّه لا يضمن هذه المنافع ، إذ الحرام لا ماليّة له في شريعة الإسلام ، فلا يكون الحرّ مالكاً لذاك العمل حتى يكون الغاصب ضامناً لما أتلفه.
ويستدلّ له اخرى بعدم القدرة على التسليم بعد أن كان الممتنع شرعاً كالممتنع عقلاً ، وقد تقدّم أنّ القدرة عليه من شرائط الصحّة.
وفيه : ما تقدّم من أنّ القدرة المزبورة لم تكن شرطاً بعنوانها ، وإنّما اعتبرت بمناط أنّ المنفعة التي يتعذّر تسليمها بما أنّها تنعدم وتتلف شيئاً فشيئاً فلا يمكن انتزاع عنوان الملكيّة بالإضافة إليها لكي تقع مورداً للإجارة المتقوّمة بالتمليك للغير. ومن الضروري أنّ المنع الشرعي لا يستوجب سلب اعتبار الملكيّة بالإضافة إلى تلك المنفعة القائمة بالعين ، فهي بهذه الحيثيّة التي هي مناط صحّة الإجارة كما مرّ مملوكة للمالك وإن حرم عليه تسليمها ، لعدم التنافي بين المملوكيّة وبين الحرمة الشرعيّة ، ولذا ذكرنا أنّ الغاصب لو انتفع من العين تلك المنفعة المحرّمة كما لو حمّل الدابّة المغصوبة خمراً ضمن للمالك مقدار اجرة المثل.
وبالجملة : الممنوع شرعاً إنّما يكون كالممتنع عقلاً بالإضافة إلى تسليم المنفعة المحرّمة لا إلى ملكيّتها ، لعدم المضادّة بين ممنوعيّة التسليم شرعاً وبين الملكيّة. وهذا بخلاف ممنوعيّته تكويناً وعدم القدرة عليه عقلاً ، فإنّه منافٍ لاعتبار الملكيّة وقتئذٍ كما عرفت.