.................................................................................................
______________________________________________________
والصحيح في وجه الاشتراط أن يقال : إنّ أدلّة صحّة العقود ووجوب الوفاء بها قاصرة عن الشمول للمقام ، إذ لا يراد من صحّة العقد مجرّد الحكم بالملكيّة ، بل التي تستتبع الوفاء ويترتّب عليها الأثر من التسليم والتسلّم الخارجي ، فإذا كان الوفاء محرّماً والتسليم ممنوعاً فأيّ معنى بعد هذا للحكم بالصحّة؟! أفهل تعاقدا على أنّ المنفعة تتلف بنفسها من غير أن يستوفيها المستأجر ، أم هل ترى جواز الحكم بملكيّة منفعة لا بدّ من تفويتها وإعدامها وليس للمؤجّر تسليمها للمستأجر لينتفع بها؟!
وعلى الجملة : صحّة العقد ملازمة للوفاء بمقتضى قوله تعالى (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (١) ، فإذا انتفى اللازم انتفى الملزوم بطبيعة الحال ، فأدلّة الوفاء ونفوذ العقود لا تعمّ المقام ، ومعه لا مناص من الحكم بالبطلان.
هذا ما تقتضيه القاعدة.
ويدلّ عليه من الروايات : ما رواه الشيخ بإسناده عن عبد المؤمن ، عن صابر (جابر) ، قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يؤاجر بيته فيباع فيه (فيها) الخمر «قال : حرام أجره» (٢).
أمّا من حيث السند فالظاهر أنّها معتبرة ، إذ المذكور في الوسائل وإن كان «صابر» ولم يوثّق ، ولكن المذكور في موضع من التهذيب مع لفظة «صابر» كلمة «جابر» بعنوان النسخة ، وهو جابر الجعفي الذي أدرك الصادق (عليه السلام) ، لا جابر بن عبد الله الأنصاري ، فإنّه لم يدركه (عليه السلام) والأوّل هو جابر ابن يزيد الجعفي الذي هو ثقة ومن أصحاب الصادق (عليه السلام) وله عنه
__________________
(١) المائدة ٥ : ١.
(٢) الوسائل ١٧ : ١٧٤ / أبواب ما يكتسب به ب ٣٩ ح ١ ، الكافي ٥ : ٢٢٧ / ٨ ، التهذيب ٧ : ١٣٤ / ٥٩٣ و ٦ : ٣٧١ / ١٠٧٧ ، الاستبصار ٣ : ٥٥ / ١٧٩.