.................................................................................................
______________________________________________________
صدر منه تصرّف من غير أهله في غير محلّه ، وحمل لمال الغير من دون إذنه وإجازته ، ومن ثمّ لو تلف أو تعيّب خلال هذا الانتقال كان ضامناً.
وحينئذٍ فإن رضي المالك ببقائه في مكانه وإن لم يذكر ذلك في كلام الماتن صريحاً إيكالاً على وضوحه فلا إشكال ، بل ليس له الإرجاع حينئذٍ ، فإنّه تصرّف في مال الغير بغير رضاه.
وأمّا إذا طالبه بردّه وجب عليه ذلك.
والدليل عليه : هي السيرة العقلائيّة التي هي المدرك الوحيد في أصل الضمان باليد بقول مطلق ، فإنّ ما اشتهر من أنّ «على اليد ما أخذت حتى تؤدّي» (١) رواية نبويّة ولم تثبت من طرقنا ، وما ورد من أخبار الضمان في الموارد المتقدّمة لا يستفاد منها حكم كلّي ، وإنّما هي جرى على طبق السيرة العقلائيّة كما لا يخفى ، فكما أنّ السيرة قاضية بأنّ اليد هي المسئولة عن تلف العين فكذلك تقضي بضمانها للصفات التي لها مدخليّة في الأغراض النوعيّة أو الشخصيّة ، وأنّه لا بدّ من أداء العين وردّها على النحو الذي أخذها واستولى عليها ، فإنّ الصفات وإن لم تقابل بالمال بحيال ذاتها إلّا أنّها من أجل تأثيرها في ازدياد قيمة العين فلا جرم كانت هي أيضاً مضمونة كما في وصف الصحّة ، ومن ثمّ لو أخذها صحيحة وردّها معيبة ضمن صفة الصحّة بلا إشكال ، مع أنّها كما عرفت لا تقابل بالمال.
ومن هذا القبيل وصف المكان ، فإنّ من استولى على مال أحد في مكان بغير إذنه وأراد الردّ إلى صاحبه في مكان آخر فله الامتناع عن الاستلام والمطالبة بالردّ إلى مكانه الأوّل بالسيرة العقلائيّة القاضية بالتحاق صفة المكان بسائر الأوصاف التي يضمنها المستولي ، ويجب عليه الخروج عن عهدتها كما
__________________
(١) المستدرك ١٧ : ٨٨ / كتاب الغصب ب ١ ح ٤.