.................................................................................................
______________________________________________________
المناط المذكور.
وأمّا في الصورة الثانية : سواء أكان المتبرّع ملتفتاً إلى الإجارة أم لا فقد حكم في المتن بعدم استحقاق الأُجرة ، لبطلان الإجارة من أجل تعذّر العمل بعد عدم قبول المحلّ لخياطة ثانية.
وهو وجيه ، بناءً على مسلكه (قدس سره) من الالتزام بالانفساخ مطلقاً في أمثال المقام ممّا تعذّر فيه العمل المستأجر عليه.
ولكنّك عرفت أنّ الأظهر التفصيل بين عروض التعذّر قبل مضيّ زمان يمكن حصول العمل فيه وبين عروضه بعده.
ففي الأوّل كما لو استؤجر للخياطة يوم الجمعة فبادر المتبرّع يوم الخميس يتّجه البطلان ، لكشف طروّ العذر وقتئذٍ عن عدم قدرته على العمل بتاتاً ، فلم يكن مالكاً له ليملكه.
وأمّا في الثاني بأن كان الوقت موسّعاً كالخياطة خلال الشهر ، فسبقه المتبرّع في اليوم العاشر فلم يتّضح أيّ وجه حينئذٍ للبطلان ، إذ العمل في ظرفه المقرّر كان مقدوراً ومملوكاً له وهو متمكّن من تسليمه وقد أخّره باختياره استناداً إلى سعة الوقت ، فما هو الموجب للانفساخ؟! بل المالك يملك العمل في ذمّة الأجير وهو يملك الأُجرة على المالك ، فله مطالبة الأجير بقيمة العمل المتعذّر بعد دفع المسمّاة ، كما أنّ له الفسخ بمقتضى تعذّر التسليم.
ومنه يظهر الحال في الصورة الثالثة وأنّه لا موجب أيضاً للانفساخ ، بل غايته الخيار حسبما عرفت ، كما لا يستحقّ العامل شيئاً على المالك بعد عدم صدور العمل بإذنه وأمره ، نظير من بنى دار زيد في غيابه بقصد أخذ الأُجرة منه ، فإنّه لا يستوجب الاستحقاق بعد أن لم يكن مضموناً عليه.