.................................................................................................
______________________________________________________
منفعة أُخرى بدلاً عنها (١) ، كما لو استأجر العبد للكتابة فاستعمله في الخياطة أو الدابّة لحمل المتاع إلى مكان خاصّ فركبها إلى مكان آخر ، وهكذا حيث إنّ المسألة ذات أقوال :
فمنهم من ذهب إلى أنّه يضمن للمالك الأُجرة المسمّاة لا غير.
ومنهم من حكم بضمانه لأغلى الأُجرتين من المسمّاة ومن اجرة المثل لما استوفاه.
واختار جمع ومنهم الماتن أنّه ضامن لكلتا الأُجرتين ، أمّا المسمّاة فبعقد الإجارة المفروض وقوعها صحيحة وإن فوّت المستأجر المنفعة على نفسه ، وأمّا اجرة المثل فلما استوفاها من المنفعة من دون إجازة المالك ، فحيث تصاحب كلتا المنفعتين وهما ملك لمالك العين ضمنهما وإن كانتا متضادّتين ، لعدم سراية المضادّة من المنفعة إلى نفس الملكيّة ، فلا مانع من كون المالك مالكاً لهذه المنفعة في عرض كونه مالكاً للمنفعة الأُخرى المضادّة لها ، ولا يلازم أحد التضادّين التضادّ الآخر.
وهذا هو الصحيح على ما سيجيء إن شاء الله تعالى ، نظراً إلى أنّ الملكيّة اعتبار شرعي عقلائي لم يكن ثمّة أيّ محذور في تعلّقها بكلّ من المتضادّين مستقلا وفي عرض الآخر لا على سبيل البدل.
فإنّ هذا الحكم الوضعي نظير القدرة ونظير بعض الأحكام الشرعيّة القابلة لأن تكون كذلك مثل الإباحة والاستحباب ، حيث إنّ طائفة من الأفعال الخارجيّة متضادّة ، كالحركة والسكون ، والأكل والنوم في زمان واحد ، ومع ذلك لا يكاد يسري هذا التضادّ إلى نفس الإباحة ، بل كلّ منهما مباح في عرض الحكم بإباحة الآخر بالضرورة ، لا أنّ المباح هو أحدهما على البدل ، فلا
__________________
(١) في ص ٣١٠.