.................................................................................................
______________________________________________________
تقوّم الجعالة بأن يكون تعيين الجعل والالتزام به ممّن يبذله دون الطرف الآخر ، وأن يكون بإزاء عمل محترم دون منافع الأموال ، فكون المعاملة المذكورة أجنبيّة عنها ظاهر (١).
وملخّصه : أنّه يعتبر في الجعالة كما مرّ فرض عمل محترم من العامل وأن يلتزم الجاعل بشيء على نفسه إزاء هذا العمل ، وفي المقام لم يجعل المؤجر شيئاً على نفسه لتتحقّق الجعالة من قبله ، بل جعل لنفسه شيئاً على غيره قبال ما يستوفيه الغير من المنافع ، فهو يأخذ الأُجرة بإزاء ما يعطيه من المنفعة ، وأين هذا من الجعالة؟! وبالجملة : تتقوّم الجعالة بأمرين : فرض عمل محترم من شخص ، وجعل الباذل شيئاً على نفسه بإزاء هذا العمل ، فيقول : من ردّ عليّ ضالّتي فله علي كذا. وفي المقام لا يتحقّق ذلك ، بل الذي يتحقّق هو أخذ المؤجر شيئاً بإزاء ما يستوفيه المستأجر من المنافع.
أقول : الظاهر أنّ الماتن (قدس سره) يريد بذلك أنّ المالك يجعل شيئاً على نفسه وهو المنفعة لمن يعمل له عملاً وهو بذل الدرهم مثلاً فيجعل منفعة الدار لمن أعطاه الدرهم ، فالذي يلتزم به الجاعل وهو المؤجر تسليم المنفعة ، والذي يصدر من العامل هو دفع الدرهم ، فالعمل هو إعطاء الدرهم ، والجعل هو منفعة الدار ، ولا ريب أنّ الإعطاء المزبور عمل محترم ، فلاحظ وتدبّر (٢).
__________________
(١) تعليقة النائيني على العروة الوثقى ٥ : ١٨ (تحقيق جماعة المدرسين).
(٢) فإنّ هذا وإن أمكن ثبوتاً إلّا أنّ استفادته من تلك العبارة التي هي محلّ كلام الماتن ومورد اعتراض المعلّق أعني قوله : آجرتك كلّ شهر بدرهم في غاية الإشكال. وقد أجاب دام ظلّه بأنّ الكلام في مقام الثبوت أوّلاً ويمكن استفادته من تلك العبارة أيضاً ثانياً ، فتدبّر جيّداً.