.................................................................................................
______________________________________________________
هو بنفسه ألغى احترام ماله وسلّط المستأجر على داره إزاء تلك الأُجرة الضئيلة ، فلأجل أنّه هو المقدم لإسقاط الاحترام بالنسبة إلى هذه الزيادة لم يكن له حقّ المطالبة.
ومن المظنون بل المطمأنّ به أنّ الأمر كذلك حتى في عرف العقلاء بحسب القوانين الدارجة بينهم ، فإنّهم أيضاً لا يلتزمون بالضمان في أمثال هذه الموارد زائداً على ما أقدم عليه المالك ، فلا يطالبون المستأجر بأزيد ممّا عيّن له.
نعم ، لو انعكس الأمر فكانت اجرة المثل أقلّ من المسمّاة لم يكن للمالك وقتئذٍ مطالبة الزائد ، لعدم الملزم لدفعه إلّا الإجارة المفروض فسادها ، فلا مقتضي لضمان المستأجر بأكثر من اجرة المثل (١).
ومنه تعرف أنّه لا يضمن للمالك أو العامل إلّا أقلّ الأُجرتين من المثل أو المسمّاة ، وإن كان الظاهر أنّ كلّ من تعرّض للمسألة خصّ الضمان بأُجرة المثل ، ولا وجه له حسبما عرفت.
ولا فرق فيما ذكرناه بين صورة علم المالك أو العامل بكون المسمّى أقلّ من اجرة المثل وجهله ، لاشتراكهما في صدق الإقدام على إلغاء الاحترام.
نعم ، يفترقان في اختصاص صورة الجهل بما إذا لم يكن التفاوت فاحشاً بحيث كان موجباً لخيار الغبن لو كانت الإجارة صحيحة ، لكون الإقدام المزبور منوطاً ومعلّقاً بمقتضى الشرط الارتكازي على عدم مثل هذه الزيادة ، وإلّا فلا إقدام له من الأوّل ، ويكون المقتضي للإلغاء قاصراً وقتئذٍ.
__________________
(١) نعم ، يصحّ القول بضمانه للأكثر لو كانت الأُجرة عيناً شخصيّة قد استوفاها وأتلفها الطرف الآخر ، لعين ما ذكر من التسليط والإقدام وإلغاء الاحترام.