لذا ؛ فلا مفر من افتراض سقوط لام التعليل الجارة ، واجتماع الشروط لا يسقطها بالضرورة ـ على الوجه الأرجح ـ سواء احتاج المصدر إلى حرف التعريف ، أم إلى الإضافة ، فيمكن أن نجعل هذا من قبيل تعاقب التنوين وأى منهما.
ويقوى ذلك أن النحاة يوجبون الجر إذا فقد شرط مما سبق ، وهنا يوجب سبق اللام التعليلية ، أو ما فى معناها ، وهو (من) السببية ، نحو : (مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ) [لحشر : ٢١] ، و (الباء) نحو قوله تعالى : (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا) [النساء : ١٦٠] ، و (فى) نحو : دخلت امرأة النّار فى هرّة (١).
ويمكن لنا أن نقول : إن المفعول لأجله من المنصوبات التى نصبت لنزع الخافض ، أو لسقوط حرف الجر.
ولا غرو أن نقرأ لدى ابن أبى الربيع : «فحرف الجر هو الأصل فى المفعول من أجله» (٢). كما يذكر فى موضع آخر أن حذف حرف الجر فى المفعول من أجله قياسى (٣). كما يختاره السلسيلى فيقول : «وهو الصحيح ، بدليل وصول الفعل إلى ضميره باللام ، نحو : ابتغاء ثواب الله هو الذى تصدقت له ، إذ المضمرات ترد الأشياء إلى أصولها» (٤).
ويؤيد كل ما سبق ما ذكره الصيمرى من قبل ، وبعد أن ذكر أن المفعول لأجله يفسر على وجود لام قبله ، وذلك فى قوله : «وهذه اللام المقدرة يجوز ذكرها فى الكلام ، وحذفها ، كقولك : جئتك لمخافتك ، ولطمع فيك ، وإن شئت حذفتها : ونصبت ما بعدها ، فقلت : جئتك مخافة لك ، وطمعا فيك ..» (٥).
__________________
(١) ابن عقيل / المساعد على تسهيل الفوائد ١ ـ ٤٨٦ ، ٤٨٧.
(٢) البسيط فى شرح جمل الزجاجى ١ ـ ٤٦٨.
(٣) السابق ٢ ـ ٨٤.
(٤) شفاء العليل فى إيضاح التسهيل ١ ـ ٤٦١.
(٥) التبصرة والتذكرة : ١ ـ ٢٥٦.