وإن ذكر المفعول لأجله فى التركيب الظاهرى الملفوظ به نكرة دون نسب إلى ما بعده بواسطة حرف الجر ، فإن ذلك النسب يقدر ذهنيا ، ففى قول حاتم الطائى السابق :
وأغفر عوراء الكريم ادخاره |
|
وأعرض عن شتم اللئيم تكرّما |
حيث إن (تكرما) يمكن أن يكون مفعولا لأجله منصوبا للفعل (أعرض) ، فهو مصدر معلل قلبى مشارك للفعل فى الزمن والفاعلية ، وهو نكرة غير منسوب ، لكننا نلحظ أن النسب مقدر ذهنيا ، والتقدير : تكرما منى.
والنسبة باستخدام حرف الجر تخصيص وتقييد دلالى ، وإذا كان المفعول له مصدرا فهو معنى عام ؛ لأن المصدر اسم جنس ، واسم الجنس معنى عام ، ولذلك فإنه يحتاج إلى تقييد وتخصيص ؛ كى يتحدد معناه ، فيتلاءم مع المعنى المشترك معه المتمثل فى الفعل ، فيتخصص عن معنى اسم الجنس العام.
لذلك كان النسب باستخدام حروف الجر إن كان المفعول لأجله نكرة.
لذلك فإننى أرى أن هذا يجب أن يراعى فى شروط وهيئات المفعول لأجله ، حيث يجب أن يكون مخصصا أو معرفا ، إما بحروف الجر ومجروراتها ، أو بالإضافة ، أو بالألف واللام ، كما قد تكون الإضافة ذهنية تقديرية.
ولنقرأ ما ذكره السيوطى فى الأشباه والنظائر : «قال الجزولى : لا يكون المفعول له منجرا باللام إلا مختصا ، نحو قمت لإعظامك ، ولا يجوز لإعظام لك.
قال الشلوبين : وهذا غير صحيح ، بل هو جائز ؛ لأنه لا مانع يمنع منه ، قال الشلوبين : ولا أعرف له سلفا فى هذا القول» (١).
والمثلان المذكوران يختص فيهما المفعول لأجله ، مرة بالإضافة ، وأخرى بواسطة حرف الجر.
__________________
(١) الأشباه والنظائر فى النحو ٣ ـ ٧٦.