ويتحقق الارتباط المعنوىّ بوساطة حروف العطف دون (لا) ، و (بل).
وقد يتحقق الارتباط بين المتنازعين بإعمال أولهما فى ثانيهما ، كما فى قوله تعالى : (وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ أَحَداً) [الجن : ٧] حيث المصدر المؤول (أن لن يبعث الله) تنازعه عاملان : (ظن) الأول ، و (ظن) الثانى ، وكلّ من العاملين يطلب معمولين وقد سدّ المصدر المؤول مسدّ مفعولى (ظن) الثانى ، أما الأول فمعمولاه محذوفان. فهو من قبيل إعمال الثانى للحذف من الأول.
وقد يكون الارتباط عن طريق أن يكون الثانى جوابا للأول ، سواء أكان فى سؤال أم شرط ، كما فى قوله تعالى (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ) [النساء : ١٧٦]. حيث شبه الجملة (فى الكلالة) يتنازعها عاملان ، هما : (يستفتون ، ويفتى) ، والثانى جواب للأول جواب السؤال ، أما قوله تعالى (آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً) [الكهف : ٩٦] ، ففيه تنازع العاملان (آتى ، وأفرغ) المعمول (قطرا) ، والثانى جواب للأول جواب الشرط.
والموضعان السابقان من إعمال الثانى لعدم الإضمار فى الأول.
فليس من التنازع قول امرئ القيس :
ولو أنّ ما أسعى لأدنى معيشة |
|
كفانى ولم أطلب قليل من المال (١) |
حيث يقرر الاكتفاء بالقليل من المال ، ثم يعود فيقول : (لم أطلب) ؛ لذا فإن عدم الطلب يجب أن يكون لغير المال ، بل يكون للملك ـ مثلا ـ حتى لا يكون هناك تناقض معنوى بين الاكتفاء بقليل من المال ، وعدم طلبه ... ويكون التقدير : كفانى قليل من المال ولم أطلب غير ذلك.
٥ ـ أن يكون المتنازعان مختلفين معنويا أو إسناديا ، حتى يتحقق التنازع لعاملين مختلفين بعيدين عن الإتباع ، فليس من التنازع قول الشاعر :
فأين إلى أين النجاة ببغلتى |
|
أتاك أتاك اللاحقون احبس احبس (٢) |
__________________
(١) الجامع الصغير ٨٦.
(٢) ابن عقيل رقم ٢٩١ / شرح التصريح ١ ـ ٣١٨.