قالت : فلمّا قال لي ذلك ولم أر عنده شيئاً ، اعتجرت (١) ، ثمَّ أخذت عموداً ونزلت إليه فضربته بالعمود حتى قتلته ، ثمّ رجعت إلى الحصن ، وقلت : يا حسّان انزل إليه واسلبه ، فإنَّه لم يمنعني من سلبه إلاّ أنَّه رجل.
فقال : مالي بسلبه من حاجة (يا بنت عبد المطّلب) (٢) ، وكأن حسّان اقتدى في فعله بهذا الشاعر في قوله :
باتت تشجّعني هندٌ وما علمتْ |
|
أنَّ الشجاعةَ مقرونٌ بها العَطَبُ |
لا والذي منعَ الأبصارَ رؤيتَهُ |
|
ما يشتهي الموتَ عندي من له إربُ |
للحربِ قومٌ أضلَّ اللهُ سعيهمُ |
|
إذا دعتهمْ إلى نيرانها وثبوا |
ولستُ منهمْ ولا أبغي فعالَهُمُ |
|
لا القتلُ يعجبني منهمْ ولا السلَبُ |
قال الأميني : هذا ما نقله الوطواط عن المعارف لابن قتيبة ، لكن أسفي على مطابع مصر وعلى يد الطبع الأمينة فيها ، فإنّها تحرِّف الكلم عن مواضعها ، فأسقطت هذه القصّة عن المعارف كما حرّفت عنه غيرها.
ولد المترجَم قبل مولد النبيِّ القدسيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بثمان سنين ، وعاش عند الجمهور مائة وعشرين سنة ، وقال ابن الأثير : لم يختلفوا في عمره. وفي المستدرك (٣) (٣ / ٤٨٦) ، وأُسد الغابة (٤) (٢ / ٧) : أربعة تناسلوا من صلب واحد ، عاش
__________________
(١) أي لبست المعجر. وفي سيرة ابن هشام : احتجزت. يقال : احتجزت المرأة أي شدّت وسطها. (المؤلف)
(٢) وإلى هنا ذكره ابن هشام في سيرته : ٣ / ٢٤٦ [٣ / ٢٣٩] ، وابن عساكر في تاريخه : ٤ / ١٤٠ [٤ / ٣٨٤ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ٦ / ٣٠٣] ، وابن الاثير في أُسد الغابة : ٢ / ٦ [٢ / ٧ رقم ١١٥٣] ، والعبّاسي في المعاهد : ١ / ٧٤ [١ / ٢١٤ رقم ٣٩] ، والجمل التي جعلناها بين القوسين من لفظ ابن هشام. (المؤلف)
(٣) المستدرك على الصحيحين : ٣ / ٥٥٤ ح ٦٠٥٧.
(٤) أُسد الغابة : ٢ / ٧ رقم ١١٥٣.