وقام أبو الأسود وهو يقول :
ألا إنَّ عمراً رامَ ليثَ خفيّةٍ (١) |
|
وكيف ينالُ الذئبُ ليثَ عرينِ |
تاريخ ابن عساكر (٢) (٧ / ١٠٤ ـ ١٠٦)
١٨ ـ
حديث أبي جعفر وزيد
قال أبو جعفر وزيد بن الحسن : طلب معاوية إلى عمرو بن العاص يوم صفِّين أن يسوّي صفوف أهل الشام ، فقال له عمرو : على أنَّ لي حكمي إن قتل الله ابن أبي طالب ، واستوسقت لك البلاد؟ فقال : أليس حكمك في مصر؟ قال : وهل مصر تكون عوضاً عن الجنّة؟ وقتل ابن أبي طالب ثمناً لعذاب النار الذي لا يفتّر عنهم وهم فيه مبلسون؟ فقال معاوية : إنَّ لك حكمك أبا عبد الله إن قتل ابن أبي طالب ، رويداً لا يسمع أهل الشام كلامك. فقال لهم عمرو : يا معشر أهل الشام سوّوا صفوفكم ، أعيروا ربّكم جماجمكم ، واستعينوا بالله إلهكم ، وجاهدوا عدوَّ الله وعدوّكم ، واقتلوهم قتلهم الله وأبادهم (وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (٣). كتاب صفِّين لابن مزاحم (٤) (ص ١٢٣) ، شرح ابن أبي الحديد (٥).
هذه أكبر كلمة تدلُّ على ضئولة الرجل في دينه ، لأنَّها تنمُّ عن عرفانه بحقِّ أمير المؤمنين عليهالسلام ومغبّة أمر من ناواه ، ومع ذلك فهو يحرِّض الناس على قتاله ، ويموِّه عليهم ، وهي تردُّ قول من يبرِّر عمله باجتهاده أو بعدله.
__________________
(١) الخفيّة : الغيضة الملتفّة. (المؤلف)
(٢) تاريخ مدينة دمشق : ٨ / ٦٠٦ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ١١ / ٢٢١.
(٣) الأعراف : ١٢٨.
(٤) وقعة صفّين : ص ٢٣٧.
(٥) شرح نهج البلاغة : ٥ / ١٨٩ خطبة ٦٥.