ذكور ، ولبلائه شكور ، وعن الخنا زجور ، سيِّد كريم ، ماجد صميم ، جواد حليم ، إن ابتدأ أصاب ، وإن سُئل أجاب ، غيرُ حَصِرٍ ولا هيّاب ، ولا فاحش عَيّاب ، كذلك قضى الله في الكتاب ، فهو كالليثِ الضرغام ، الجريء المقدام ، في الحسب القمقام ، ليس بدعيٍّ ولا دنيٍّ ، كمن اختصم فيه من قريش شرارُها ، فغلب عليه جزّارها ، فأصبح ينوء بالدليل ، ويأوي فيها إلى القليل ، مذبذَب بين حيّين ، كالساقط بين المهدين ، لا المعتزى إليهم قبلوه ، ولا الظاعن عنهم فقدوه ، فليت شعري بأيّ حسَب تنازل للنضال؟ أم بأيِّ قديم تَعرّض للرجال؟ أبنفسك؟ فأنت الخوّار الوغد الزنيم. أم بمن تنتمي إليه؟ فأنت أهل السفه والطيش والدناءة في قريش ، لا بشرف في الجاهليّة شُهِر ، ولا بقديم في الإسلام ذُكر ، غير أنَّك تنطقُ بغير لسانك ، وتنهَضُ بغير أركانك ، وايمُ الله إن كان لأسهل للوعث (١) وألمّ للشعث (٢) أن يكعمَكَ (٣) معاوية على ولوعك بأعراض قريش كِعام الضبع في وجاره (٤) ، فأنت لست لها بكفيٍّ ، ولا لأعراضها بوفيٍّ.
قال : فتهيّأ عمرو للجواب ، فقال له معاوية : نشدتك الله إلاّ ما كففت. فقال عمرو : يا أمير المؤمنين دعني أنتصر فإنّه لم يدع شيئاً. فقال معاوية : أمّا في مجلسك هذا فدع الانتصار ، وعليك بالاصطبار.
وأشار إلى هذه القصّة ابن حجر في الإصابة (٢ / ٣٢٠).
إسلامه :
إنَّ الذي حدانا إليه يقين لا يخالجه شكٌّ ، بعد الأخذ بمجامع ما يُؤثر عن الرجل
__________________
(١) الوعث ـ بالفتح ـ : العسر الغليظ. (المؤلف)
(٢) يقال : لمّ الله شعثهم : أي جمع أمرهم. (المؤلف)
(٣) يقال : ـ كعم البعير : أي شدَّ فمه لئلا يعضّ أو يأكل. (المؤلف)
(٤) الوجار ـ بكسر الواو وفتحها ـ : جحر الضبع ، وغيرها. (المؤلف)