سيما أبي تراب. قال أبو نوح : عليَّ سيما محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه ، وعليك سيما أبي جهل وسيما فرعون.
كتاب صفِّين (١) (ص ١٧٤) ، شرح النهج لابن أبي الحديد (٢).
١٧ ـ
أبو الأسود الدؤلي وعمرو
قدم أبو الأسود (٣) الدؤلي على معاوية بعد مقتل عليّ رضى الله عنه ، وقد استقامت لمعاوية البلاد ، فأدنى مجلسه ، وأعظم جائزته ، فحسده عمرو بن العاص ، فقدم على معاوية ، فاستأذن عليه في غير وقت الإذن ، فأذن له ، فقال له معاوية : يا أبا عبد الله ما أعجلك قبل وقت الإذن؟ فقال : يا أمير المؤمنين أتيتك لأمر قد أوجعني وأرّقني وغاظني ، وهو من بعد ذلك نصيحةٌ لأمير المؤمنين. قال : وما ذاك يا عمرو. قال : يا أمير المؤمنين إنَّ أبا الأسود رجلٌ مفوّهٌ ، له عقلٌ وأدبٌ ، من مثله للكلام يُذكر؟ وقد أذاع بمصرك من الذكر لعليّ والبغض لعدوِّه ، وقد خشيت عليك أن يُترى (٤) في ذلك حتى يُؤخذ بعنقك ، وقد رأيت أن ترسل إليه ، وترهبه ، وترعبه ، وتَسبره ، وتَخبره ، فإنّك من مسألته على إحدى خِبرتين ، إمّا أن يبدي لك صفحته فتعرف مقالته ، وإمّا أن يستقبلك فيقول ما ليس من رأيه ، فيحتمل ذلك عنه فيكون لك في ذلك عاقبة صلاح إن شاء الله تعالى. فقال له معاوية : إنّي امرؤٌ ـ والله ـ لقلّما تركت رأياً لرأي امرئٍ قطُّ إلاّ كنت فيه بين أن أرى ما أكره وبين بين ، ولكن إن أرسلتُ إليه فسألته فخرج من مساءلتي بأمرٍ لا أجد عليه مقدما ، ويملئوني غيظاً لمعرفتي بما يريد ، وإنَّ الأمر فيه أن يُقبل ما أبدى من لفظه ، فليس لنا أن نشرح عن صدره وندع ما وراء
__________________
(١) وقعة صفّين : ص ٣٣٤.
(٢) شرح نهج البلاغة : ٨ / ١٨ خطبة ١٢٤.
(٣) ظالم بن عمرو التابعي الكبير المتوفّى سنة (٦٩) وهو ابن خمس وثمانين سنة. (المؤلف)
(٤) ترى ترياً في الأمر : تراخى فيه. (المؤلف)