قاله. فخرج عليٌّ مغضباً حتى دخل المسجد فذكر الأنصار بخير ، وردّ على عمرو بن العاص قوله. فلمّا علمت الأنصار ذلك سرّها ، وقالت : ما نبالي بقول من قال مع حُسْن قول عليّ ، واجتمعت إلى حسّان بن ثابت ، فقالوا : أجب الفضل ، فقال : إن عارضته بغير قوافيه فضحني ، فقالوا (١) : فاذكر عليّا فقط ، فقال :
جزى الله خيراً والجزاء بكفّهِ |
|
أبا حسنٍ عنّا ومن كأبي حسنْ |
سبقتَ قريشاً بالذي أنت أهلهُ |
|
فصدرُكَ مشروحٌ وقلبُك مُمْتحنْ (٢) |
تمنّت رجالٌ من قريشٍ أعزّةٌ |
|
مكانَكَ هيهات الهُزالُ من السَمَنْ |
وأنتَ من الإسلامِ في كلِّ منزلٍ |
|
بمنزلة الطرفِ البطينِ من الرَسَنْ |
غَضِبْتَ لنا إذ قال عمروٌ بخصلةٍ |
|
أمات بها التقوى وأحيا بها الإحَنْ |
وكنت المرجّى من لؤيّ بنِ غالبٍ |
|
لِما كان منهُ والذي بعدُ لم يكنْ |
حفظتَ رسول الله فينا وعهدَهُ |
|
إليك ومن أولى به منك من ومنْ |
ألستَ أخاه في الهدى ووصيّهُ |
|
وأعلمَ فِهرٍ بالكتابِ وبالسُنَنْ |
فحقُّكَ ما دامتْ بنجدٍ وشيجةٌ |
|
عظيمٌ علينا ثمّ بعدُ على اليَمنْ |
قوله : فصدرك مشروحٌ إشارة إلى ما ورد في قوله تعالى : (أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ) (٣) ، فإنّها نزلت في عليٍّ وحمزة. رواه الحافظ محبّ الدين الطبري في رياضه (٤) (٢ / ٢٠٧) عن الحافظين الواحدي وأبي الفرج ، وفي ذخائر العقبى (ص ٨٨).
__________________
(١) في شرح ابن أبي الحديد : فقال له خزيمة بن ثابت : اذكر عليّا وآله يَكْفِك عن كلِّ شيء. (المؤلف)
(٢) هذان البيتان ذكرهما لحسّان شيخ الطائفة المفيد كما في الفصول : ٢ / ٦١ ، ٦٧ [ص ٢٠٩ ، ٢١٦]. (المؤلف)
(٣) الزمر : ٢٢.
(٤) الرياض النضرة : ٣ / ١٥٧.