وجلالته ، تأليفاً في أخبار المترجم له وشعره كما عدّه النجاشي في فهرسته (١) (ص ٤٩) من كتبه يُؤذن بموقفه الشامخ عند أعاظم المذهب ، وينبئ عن إكبارهم محلّه من العلم والدين.
نبوغه في الأدب والحديث :
إنَّ الواقف على شعر شاعرنا العبديّ وما فيه من الجودة والجزالة والسهولة والعذوبة والفخامة والحلاوة والمتانة ، يشهد بنبوغه في الشعر وتضلّعه في فنونه ، ويعترف له بالتقدُّم والبروز ، ويرى ثناء الحميري سيّد الشعراء عليه بأنّه أشعر الناس من أهله فى محلّه. روى أبو الفرج في الأغاني (٢) (٧ / ٢٢) عن أبي داود المسترقّ سليمان بن سفيان : أنّ السيّد والعبديّ اجتمعا ، فأنشد السيِّد :
إنّي أدينُ بما دانَ الوصيُّ بهِ |
|
يومَ الخريبةِ (٣) من قَتْلِ المُحلّينا |
وبالذي دانَ يومَ النهْرَوانِ بهِ |
|
وشاركَتْ كفَّه كفِّي بصفّينا |
فقال له العبدي : أخطأت ؛ لو شاركت كفُّكَ كفَّه كنت مثله ، ولكن قل : تابعت كفّه كفّي ، لتكون تابعاً لا شريكاً. فكان السيِّد بعد ذلك يقول : أنا أشعر الناس إلاّ العبدي.
والمتأمِّل في شعره يرى موقفه العظيم في مقدَّمي رجال الحديث ومكثري حمَلته ، ويجده في الرعيل الأوّل من جامعي شتاته ، وناظمي شوارده ، ورواة نوادره ، وناشري طُرَفِه ، ويَشهَدُله بكثرة الدراية والرواية ، ويُشاهِد همّته العالية وولعه الشديد في بثِّ الأخبار المأثورة في آل بيت العصمة ـ صلوات الله عليهم ـ وستقف على ذلك كلّه في ذكر نماذج شعره.
__________________
(١) رجال النجاشي : ص ٦٥ رقم ١٥٤.
(٢) الأغاني : ٧ / ٢٩٣.
(٣) الخريبة : موضع بالبصرة كانت به واقعة الجمل. (المؤلف)