ديوانه ، وقد طفحت بذكرها الكتب والمعاجم ، وكديوان الكميت ، فإنّه حُرّفت منه أبيات كما زيدت عليه أخرى ، وكديوان أمير الشعراء أبي فراس ، وكديوان كشاجم الذي زحزحوا عنه كميّة مهمّة من مراثي سيّدنا الإمام السبط الشهيد ـ سلام الله عليه ـ وكتاب المعارف لابن قتيبة الذي زيد فيه ما شاءه الهوى للمحرّف ونقص منه ما [لا] يلائم خُطّته ، بشهادة الكتب الناقلة عنه من بعده ، كما مرّ بعض ما ذكر في محلّه من هذا الكتاب ويأتي بعضه ، إلى غير هذه من الكتب التي عاثوا فيها لدى النشر ، أو حرّفوها عند النقل ، ونحن نحيل تفصيل ذلك إلى مظانّه من المواقع المناسبة لئلاّ نخرج عن وضع الكتاب ، فلنعد الآن إلى ما شذّ من شعر حسّان عن ديوانه ، وأثبتته له المصادر الوثيقة كنفس يائيّته السابقة ، فمن ذلك :
في تاريخ اليعقوبي (١) (٢ / ١٠٧) ، وشرح ابن أبي الحديد (٢) (٣ / ١٤) وغيرهما : صعد أبو بكر المنبر عند ولايته الأمر ، فجلس دون مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم بمرقاة ، ثمّ حمد الله وأثنى عليه ، وقال : إنّي وُلّيتُ عليكم ولستُ بخيركم ، فإن استقمت فاتّبعوني ، وإن زغت فقوّموني ، لا أقول إنّي أفضلكم فضلاً ، ولكنّي أفضلكم حملاً ، وأثنى على الأنصار خيراً ، وقال : أنا وإيّاكم معشر الأنصار كما قال القائل :
جزى الله عنّا جعفراً حين أزْلَقَتْ |
|
بنا نعلُنا في الواطئين فَوَلّتِ |
أَبوا أن يملّونا ولو أنَّ أمّنا |
|
تلاقي الذي يلقون منّا لملّتِ |
فاعتزلت الأنصار عن أبي بكر ، فغضبت قريش وأحفظها ذلك ، فتكلّم خطباؤها ، وقدم عمرو بن العاص ، فقالت له قريش : قم فتكلّم بكلام تنال فيه من الأنصار ، ففعل ذلك.
فقام الفضل بن العبّاس فردّ عليهم ، ثمّ صار إلى عليّ فأخبره وأنشده شعراً
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي : ٢ / ١٢٧.
(٢) شرح نهج البلاغة : ٦ / ٢٠ ، ٣٥ خطبة ٦٦.