يكونوا ظلموا الأنصار وظلموا آل محمد ، ولعمري ما لأحد من الأنصار ولا لقريش ولا لأحد من العرب والعجم في الخلافة حقٌّ مع عليّ بن أبي طالب وولده من بعده.
فغضب معاوية ، وقال : يا ابن سعد عمّن أخذت هذا؟ وعمّن رويته؟ وعمّن سمعته؟ أبوك أخبرك بذلك وعنه أخذته؟
فقال قيس : سمعته وأخذته ممّن هو خير من أبي ، وأعظم عليَّ حقّا من أبي. قال : مَن؟ قال : عليُّ بن أبي طالب ، عالم هذه الأمّة ، وصدّيقها الذي أنزل الله فيه : (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) (١) ـ فلم يدع آية نزلت في عليّ إلاّ ذكرها.
قال معاوية : فإنَّ صدّيقها أبو بكر ، وفاروقها عمر ، والذي عنده علم الكتاب عبد الله بن سلام.
قال قيس : أحقّ هذه الأسماء وأولى بها الذي أنزل الله فيه : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) (٢) والذي نصبه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بغدير خُمّ فقال : «من كنت مولاه أولى به من نفسه ، فعليٌّ أولى به من نفسه» وقال في غزوة تبوك : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنَّه لا نبيَّ بعدي».
كلّ ما ذكره قيس في هذه المناظرة من الآيات النازلة في أمير المؤمنين ، والأحاديث النبويّة المأثورة في فضله ، أخرجها الحفّاظ والعلماء في المسانيد والصحاح ، نذكر كُلاّ منها في محلّه إن شاء الله ، كما مرّ بعضها.
قيس في خلقته :
إنَّ للأشكال والهيئات دخلاً في مواقع الأبّهة والإكبار ، فإنَّها هي التي تملأ
__________________
(١) الرعد : ٤٣.
(٢) هود : ١٧.