الرسالة وهلمَّ جرّا ، وإنَّك تجد الاحتجاج بما ذكر وغيره في كثير من شعر الصحابة والتابعين لهم بإحسان ، وفي كلماتهم المنثورة ، قبل أن تنعقد نطفة الكميت ، كخزيمة بن ثابت ذي الشهادتين ، وعبد الله بن عبّاس ، والفضل بن عبّاس ، وعمّار بن ياسر ، وأبي ذرّ الغفاري ، وقيس بن سعد الأنصاري ، وربيعة بن الحارث بن عبد المطّلب ، وعبد الله ابن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطّلب ، وزفر بن زيد بن حذيفة ، والنجاشي بن الحرث بن كعب ، وجرير بن عبد الله البجلي ، وعبد الرحمن بن حنبل حليف بني جُمع ، وآخرين كثيرين.
وقد فتح لهم هذا الباب بمصراعيه أمير المؤمنين عليّ ـ صلوات الله عليه ـ في كتبه وخطبه الطافحة بذلك ، المبثوثة في طيّات الكتب ومعاجم الخطب والرسائل.
قال شيخنا المفيد كما في الفصول (١) (٢ / ٨٥) : إنّما نظم الكميت معنى كلام أمير المؤمنين عليهالسلام في منثور كلامه في الحجَّة على معاوية ، فلم يزل آل محمد عليهمالسلام بعد أمير المؤمنين يحتجّون بذلك ، ومتكلّمو الشيعة قبل الكميت وفي زمانه وبعده ، وذلك موجودٌ في الأخبار المأثورة والروايات المشهورة ، ومن بلغ إلى الحدِّ الذي بلغه الجاحظ في البهت سقط كلامه.
اللاميّة من الهاشميّات :
ألا هل عمٍ في رأيه مُتأمِّلُ |
|
وهل مدبرٌ بعد الإساءة مُقبلُ |
روى أبو الفرج في الأغاني (٢) (١٥ / ١٢٦) بالإسناد عن أبي بكر الحضرمي ، قال : استأذنت للكميت على أبي جعفر محمد بن علي عليهماالسلام في أيَّام التشريق بمنى فأذن له ، فقال له الكميت : جعلت فداك إنّي قلت فيكم شعراً أحبُّ أن أُنشدَكَهُ.
__________________
(١) الفصول المختارة : ص ٢٣٣.
(٢) الأغاني : ١٧ / ٣٣.