يا ليت شعري كيف لي بمالكِ |
|
كم جاهلٍ خيّبتُه وحاركِ (١) |
وفارسٍ قتلتُهُ وفاتكِ |
|
ومُقدمٍ آبَ بوجهٍ حالكِ (٢) |
ما زلت دهري عرضة المهالكِ
فغشيه الأشتر بالرمح فزاغ عنه عمرو فلم يصنع الرمح شيئاً ، ولوى عمرو عنان فرسه ، وجعل يده على وجهه ، وجعل يرجع راكضاً نحو عسكره ، فنادى غلامٌ من يحصب : يا عمرو عليك العفا ما هبّت الصبا!.
كتاب صفّين (٣) (ص ٢٣٣) ، شرح ابن أبي الحديد (٤) (٢ / ٢٩٥).
ينبئك صدر هذا الحديث عن نفسيّات أولئك المناضلين عن معاوية ، الدّعاة إلى إمامته ، ويعرب عن غايات تلك الفئة الباغية بنصِّ النبيِّ الأطهر ، إماماً ومأموماً في تلك الحرب الزبون ، فما ينبغي لي أن أكتب عن إمام يكون مثل عمرو بن العاص شعاره ، ومثل مروان بن الحكم نفسه؟ وما يحقُّ لك أن تعتقد في مأموم هذه محاوراته في معترك القتال مع إمامه المفترضة عليه طاعته ـ إن صحّت الأحلام ـ ومشاغبته دون الرتبة والراتب؟!
ابن عبّاس وعمرو :
حجَّ عمرو بن العاص وقام بالموسم ، فأطرى معاوية وبني أميّة وتناول بني هاشم ، ثمَّ ذكر مشاهده بصفّين ، فقال ابن عبّاس : يا عمرو إنَّك بعتَ دينك من معاوية ، فأعطيته ما في يدك ومنّاك ما في يد غيره ، فكان الذي أخذ منك فوق الذي
__________________
(١) حَرَكَ : امتنع من الحق الذي عليه. غلام حرك : خفيف ذكي. (المؤلف)
(٢) حلك : اشتد سواده ، فهو حالك وحلك. (المؤلف)
(٣) وقعة صفّين : ص ٤٤٠.
(٤) شرح نهج البلاغة : ٨ / ٨٠ خطبة ١٢٤.