تشتمني؟ أتستطيع أن تقول : إنّي عصيت الله ورسوله يوماً قطّ. قال له عمرو : إنَّ فيك لمسبّاتٍ سوى ذلك. قال عمّار : إنَّ الكريم مَن أكرمه الله ، كنتُ وضيعاً فرفعني الله ، ومملوكاً فأعتقني الله ، وضعيفاً فقوّاني الله ، وفقيراً فأغناني الله. قال له عمرو : فما ترى في قتل عثمان؟ قال : فتح لكم باب كلِّ سوء. قال عمرو : فعليٌّ قتله. قال عمّار : بل الله ربُّ عليّ قتله (١).
وروى نصر في كتابه (٢) (ص ١٦٥) في حديث : فلمّا دنا عمّار بن ياسر رحمهالله بصفّين من عمرو بن العاص ، قال : يا عمرو بعتَ دينك بمصر ، تبّا لك ، وطالما بغيتَ الإسلام عوجاً.
ورواه سبط ابن الجوزي في تذكرته (٣) (ص ٥٣) وزاد : والله ما قصدُك وقصدُ عدوِّ الله ابن عدوِّ الله بالتعلّل بدم عثمان إلاّ الدنيا.
١٦ ـ
أبو نوح الحميري وعمرو
أتى أبو نوح الحميري الكلاعي يوم صفين مع ذي الكلاع إلى عمرو بن العاص ، وهو عند معاوية وحوله الناس ، وعبد الله بن عمر (٤) يحرِّض الناس على الحرب ، فلمّا وقفا على القوم ، قال ذو الكلاع لعمرو : يا أبا عبد الله هل لك في رجل ناصح لبيب شفيق ، يخبرك عن عمّار بن ياسر ، لا يكذبك؟ قال عمرو : ومَن هو؟ قال ذو الكلاع : ابن عمّي هذا ، وهو من أهل الكوفة. فقال عمرو : إنّي لأرى عليك
__________________
(١) كتاب صفّين لنصر بن مزاحم : ص ١٧٦ [ص ٣٣٧] ، شرح ابن أبي الحديد : ٢ / ٣٧٣ [٨ / ٢١ خطبة ١٢٤]. (المؤلف)
(٢) وقعة صفّين : ص ٣٢٠.
(٣) تذكرة الخواص : ص ٩٢.
(٤) كذا في شرح النهج ، وفي كتاب صفّين : عبد الله بن عمرو ، وهو الصحيح ؛ لأنّ عبد الله بن عمر لم يشهد صفِّين.