عمرو بن العاص ، فلمّا رأى أنَّه مقتولٌ كشف عن عورته ، فانصرف عنه عليٌّ ـ كرّم الله وجهه.
الأشتر وعمرو بن العاص
في معترك القتال بصفِّين
إن معاوية دعا يوماً بصفّين مروان بن الحكم ، فقال : إنَّ الأشتر قد غمّني وأقلقني ، فاخرج بهذه الخيل في يحصب والكلاعيِّين ، فالقه ، فقاتل بها. فقال مروان : أُدع لها عمراً فإنَّه شعارك دون دثارك. قال : وأنت نفسي دون وريدي. قال : لو كنت كذلك ألحقتني به في العطاء ، أو ألحقته بي في الحرمان ، ولكنّك أعطيته ما في يدك ، ومنّيته ما في يد غيرك ، فإن غَلبتَ طاب له المقام ، وإن غُلبتَ خفَّ عليه الهرب. فقال معاوية : سيُغني الله عنك. قال : أمّا إلى اليوم فلم يغنِ.
فدعا معاوية عمراً وأمره بالخروج إلى الأشتر. فقال : أما إنّي لا أقول لك ما قال مروان. قال : فكيف تقول؟ وقد قدّمتك وأخّرته ، وأدخلتك وأخرجته. قال : أما والله إن كنتَ فعلتَ لقد قدّمتني كافياً ، وأدخلتني ناصحاً ، وقد أكثر القوم عليك في أمر مصر وإن كان لا يرضيهم إلاّ أخذها فخذها. ثمَّ قام فخرج في تلك الخيل ، فلقيه الأشتر أمام القوم وهو يقول :
يا ليت شعري كيف لي بعمرِو |
|
ذاك الذي أوجبتُ فيه نَذري |
ذاك الذي أطلبُهُ بوِتْرِي |
|
ذاك الذي فيه شفاءُ صدري |
ذاك الذي إن ألقَهُ بعُمري |
|
تغلي به عند اللقاءِ قِدري |
أجعله فيه طعام النسر |
|
أو لا فربّي عاذري بعذري |
فلما سمع عمرو هذا الرجز وعرف أنَّه الأشتر ، فشل وجبن ، واستحيا أن يرجع ، وأقبل نحو الصوت ، وقال :