ثمّ قالا لدعبل : أجِزْ يا أبا عليّ فقال :
فإذْ فاتَ الذي فاتَ |
|
فكونوا من ذوي الظرفِ |
وخفّوا نقصف اليومَ |
|
فإنّي بائعٌ خُفِّي |
بدائع البداءة (٢ / ٢١٠)
أمّا المترجَم
فهو دعبل (١) يكنّى أبا عليّ عند الجميع ، وعن ابن أيّوب (٢) : أبو جعفر. وفي الأغاني عن ابن أيّوب : إنَّ اسمه محمد ، وفي تاريخ الخطيب (٨ / ٣٨٣) : زعم أحمد بن القاسم أنّ اسمه الحسن ، وقال ابن أخيه إسماعيل : اسمه عبد الرحمن. وقال غيرهما : محمد ، وعن إسماعيل : إنّما لقَّبَتْهُ دايتُه بدعبل لدعابة كانت فيه ، فأرادت ذعبلاً فقلبت الذال دالاً.
يُقال : أصله كوفيٌّ كما في كثير من المعاجم ، وقيل : من قرقيسيا. وكان أكثر مقامه ببغداد ، وخرج منها هارباً من المعتصم لمّا هجاه وعاد إليها بعد ذلك ، وجوَّل في الآفاق ، فدخل البصرة ودمشق ومصر على عهد المطّلب بن عبد الله بن مالك المصريّ وولاّه أسوان ، فلمّا بلغ هجاؤه إيّاه عزله ، فأنفذ إليه كتاب العزل مع مولى له ، وقال : انتظره حتى يصعد المنبر يوم الجمعة ، فإذا علاه فأوصل الكتاب إليه ، وامنعه من الخطبة ، وأنزله عن المنبر واصعد مكانه. فلمّا أن علا المنبر وتنحنح ليخطب ناوله الكتاب ، فقال له دعبل : دعني أخطِب فإذا نزلتُ قرأته. قال : لا ، قد أمرني أن أمنعك الخطبة حتى تقرأه ، فقرأه وأنزله عن المنبر معزولاً وخرج منها إلى المغرب إلى بني
__________________
(١) الدعبل : الناقة التي معها ولدها ، البعير المسنّ ، الشيء القديم ـ الأغاني [٢٠ / ١٣٤ ، ١٣٥]. (المؤلف)
(٢) في الأغاني ، ومعاهد التنصيص [٢ / ١٩٠ رقم ١١٥] ، ونهاية الأرب [٣ / ٩١]. (المؤلف)