الأغلب. الأغاني (١) (١٨ / ٤٨)
سافر إلى الحجاز مع أخيه رزين ، وإلى الري وخراسان مع أخيه عليّ ، وقال أبو الفرج (٢)) : كان دعبل يخرج فيغيب سنين يدور الدنيا كلّها ، ويرجع وقد أفاد وأثرى ، وكانت الشراة والصعاليك يلقَونه ولا يُؤذونه ، ويواكلونه ويشاربونه ويَبرُّونه ، وكان إذا لَقِيَهم وضع طعامه وشرابه ودعاهم إليه ، ودعا بغلاميه : ثقيف وشعف ، وكانا مغنِّيين فأقعدهما يغنِّيان ، وسقاهم وشرب معهم ، وأنشدهم ، فكانوا قد عرفوه وألِفُوه لكثرة أسفاره وكانوا يواصلونه ويَصِلونه ، وأنشد دعبل لنفسه في بعض أسفاره :
حللتُ محلاّ يقصُرُ البرقُ دونَهُ |
|
ويعجِزُ عنه الطيفُ أن يتجشَّما |
وقال ابن المعتز في طبقاته (٣) (ص ١٢٥) : وكان يجتاز بقُمّ ، فيقيم عند شيعتها فيقسطون له في كلِّ سنة خمسة آلاف درهم.
يقع البحث في ترجمته من نواحٍ أربع :
١ ـ تهالكه في ولاء أهل بيت العصمة ـ صلوات الله عليهم.
٢ ـ نبوغه في الشعر والأدب والتاريخ ، وتآليفه.
٣ ـ روايته للحديث والرواة عنه ، ومن يَروي هو عنه.
٤ ـ سيره مع الخلفاء ، ثمّ مُلَحُهُ ونوادره ثمّ ولادته ووفاته.
أمّا الأولى :
فجليّة الحال فيها غنيّةٌ عن البرهنة عليها ، فما ظنّك برجل كان يُسمع منه وهو يقول : أنا أحمل خشبتي على كتفي منذ خمسين سنة لست أجد أحداً يصلبني عليها.
__________________
(١) الأغاني : ٢٠ / ١٧٦.
(٢) في الأغاني : ١٨ / ٣٦ [٢٠ / ١٤٩]. (المؤلف)
(٣) طبقات الشعراء : ص ٢٦٥.