كلِّ مؤمن بعدي؟ فسكتَ القوم حتى أعادها ثلاثاً ، فقال عليٌّ : أنا يا رسول الله صلّى الله عليك ، فوضع رأسه في حِجره وتَفَل في فيه ، وقال : اللهمّ املأ جوفه علماً وفهماً وحُكماً. ثمّ قال لأبي طالب : يا أبا طالب اسمع الآن لابنك وأطِع ؛ فقد جعله الله من نبيِّه بمنزلة هارون من موسى».
صورة سادسة :
أخرج أبو إسحاق الثعلبي المتوفّى (٤٢٧ ، ٤٣٧) المترجم له (١ / ١٠٩) في تفسيره الكشف والبيان (١) ، عن الحسين بن محمد بن الحسين قال : حدَّثنا موسى بن محمد ، حدّثنا الحسن بن عليِّ بن شعيب (٢) العمري ، حدّثنا عبّاد بن يعقوب ، حدّثنا عليّ بن هاشم عن صباح بن يحيى المُزَني عن زكريا بن ميسرة عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال :
«لمّا نزلت هذه الآية : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) ، جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بني عبد المطّلب ، وهم يومئذٍ أربعون رجلاً ، الرجل منهم يأكل المُسِنَّة ويشرب العُسَّ ، فأمر عليّا برِجْل شاة فأدَمَها ثمّ قال : ادنوا بسم الله. فدنا القوم عشرةً عشرةً فأكلوا حتى صدروا ، ثمّ دعا بقَعبٍ من لبنٍ فجرع منه جرعة ، ثمّ قال لهم : اشربوا باسم الله. فشربوا حتى رووا. فَبَدرهم أبو لهب فقال : هذا ما سَحَركم به الرجل!. فسكت يومئذٍ ولم يتكلّم. ثمّ دعاهم من الغد على مثل ذلك من الطعام والشراب ثمّ أنذَرَهُم رسول الله فقال : يا بني عبد المطّلب إنّي أنا النذير إليكم من الله عزّ وجلّ والبشير ، فأسلِموا وأطيعوني تهتدوا. ثمّ قال : من يُؤاخيني ويوازرُني ويكون وليّي ووصيّي بعدي وخليفتي في أهلي يقضي ديني؟ فسكت القوم فأعادها ثلاثاً ، كلُّ ذلك يسكت القوم ويقول عليٌّ : أنا. فقال في المرّة الثالثة : أنت. فقام القوم وهم يقولون لأبي
__________________
(١) الكشف والبيان : الورقة ١٦٣ سورة الشعراء : آية ٢١٤.
(٢) في كفاية الكنجي : شبيب. (المؤلف)