رووا هذه الأثارة وصحّحوها ، لو نذكرهم بأجمعهم لجاء منه كتاب مفرد ، ونحن نقتصر من المتون على لفظ البخاري ، ألا وهو :
إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر : «لأُعطينَّ هذه الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه ، يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله».
قال : فبات الناس يدوكون (١) ليلتهم أيّهم يُعطاها ، فلمّا أصبح الناس غَدَوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلّهم يرجو أن يعطاها ، فقال : «أين عليّ بن أبي طالب؟» فقيل : هو يا رسول الله يشتكي عينيه. قال : «فأرسلوا إليه» ، فأُتي به ، فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه ودعا له ، فبرأ حتى لم يكن به وجع ، فأعطاه الراية. فقال عليٌّ : «يا رسول الله أُقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟».
فقال : «انفذ على رسْلك حتى تنزل بساحتهم ، ثمّ ادعهم إلى الإسلام ، وأخبرهم بما يجب عليهم. فو الله لأن يهدي الله بك رجلاً خيرٌ لك من أن يكون لك حمر النِّعم ـ وفي لفظه الآخر : ففتح الله عليه».
ديوان حسّان
إنَّ لحسّان في مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام مدائح جمّة غير ما سبقت الإشارة إليه ، وسنوقفك على ما التقطناه من ذلك ، فمن هذه الناحية نعرف أنَّ يد الأمانة لم تقبض عليها يوم مدّت إلى ديوانه ، فحرّفت الكلم عن مواضعها ، ولعبت بديوان حسّان كما لعبت بغيره من الدواوين والكتب والمعاجم ، التي أسقطت منها مدائح أهل البيت عليهمالسلام وفضائلهم ، والذكريات الحميدة لأتباعهم ، كديوان الفرزدق الذي أسقطوا منه ميميّته المشهورة في مولانا الإمام زين العابدين عليهالسلام مع إشارة الناشر إليها في مقدّمة شرح
__________________
(١) أي يخوضون. يقال : الناس في دوكة. أي : في اختلاط وخوض. وأصله من الدوك. وهو : السحق. وفي كثير من الكتب : يذكرون. وهو : تصحيف. (المؤلف)